دراسة تحليلية للنص المسرحي" أهل الكهف"
* القراءة الاستكشافية :
1) تأطير
النص :
1/1) عتبة العنوان :
عنوان المسرحية " أهل الكهف " له حمولة دينية
بحيث يربط القارئ أو المشاهد بأجواء قصة " أهل الكهف " كما وردت في
القرآن الكريم ، وقبله في تراث المسيحية واليهودية .
1/2- عتبة الغلاف :
يتصدر غلاف الكتاب على
اليمين صورة مكبرة لرأس امرأة أنيقة ذات عينين واسعتين زرقاوتين
يعلوهما حاجبان مسطران كهلالين رقيقين متوازيين، وأنف رقيق مستقيم ، وشفتان
حمراوتان ، وجيد طويل ، ويظهر على كتفها الجزء العلوي من فستان أبيض اللون. وتشكل
هذه الصورة البؤرة الأساسية في الغلاف ، وهي تجسيد لصورة الأميرة " بريسكا
".
وخلف الصورة في الأعلى
ثلاثة أشخاص أحدهما لا يظهر منه إلا رأسه في أقصى الصورة ، وبجانبه رأس رجل آخر
يرتدي خودة، وأمامهما يقف رجل ثالث يرتدي لباسا طويلا وينظر في إتجاه جانبي ، وقد
وردت صورة هؤلاء جميعا بلون بني مختلط بالسواد .
وفي الجانب الأيسر من
الصورة يبدو شخصان بلون أخضر ممزوج بالسواد ، حيث يظهران بشعر كثيف في الرأس
واللحية ، وأحدهما رافع رافع يديه الى السماء ، ويمثلان شخصين من شخصيات أهل الكهف
.
ورفقة الصورة ورد
عنوان المسرحية " أهل الكهف " بخط بارز يغطي الجزء الأعلى من الغلاف ،
وتحته كتب على الجانب الأيسر إسم المؤلف " توفيق الحكيم " باللون
الأسود.
1/3
– الفرضيات :
- مسرحية " أهل الكهف "
مشهد من مشاهد الصراع بين الإنسان وقوى خفية .
- مسرحية " أهل
الكهف " توثيق لمرحلة تاريخية .
1/4
– توثيق النص :
" أهل الكهف " من
أشهر المسرحيات التي ألفها توفيق الحكيم ، وأما موضوعها فلم يخترعه وإنما استكشفه
من قصة أهل الكهف الواردة في القرآن الكريم .
وقصد توفيق الحكيم
بتأليفه مسرحية " أهل الكهف " إدخال عنصر التراجيديا في موضوع عربي
إسلامي .
1/5-
صاحب النص :
توفيق
الحكيم من مواليد الاسكندرية سنة 1898 م ، اتجه في حياته الدراسية
الجامعية أولا الى القانون ، وعند سفره إلى باريس لإكمال دراسته القانونية أمضى
نحو أربع سنوات عكف فيها على قراءة القصص وروائع الأدب المسرحي ، واجتذبه الأدب ،
ووجد في نفسه قابلية كبيرة للإنتاج والتأليف وبالأخص في ميدان المسرح ...
1/6-
النص مسرحية لتوفيق الحكيم ذو بعد تراجيدي بحكم تصويره الصراع بين الإنسان وقوى
خفية .
والنص المسرحي لا
يستمد قيمته الأدبية الفنية من القراءة بل من تجسيد الشخصيات ، ولعب الأدوار .
* القراءة التوجيهية :
1
- الحــــــــدث:
مسرحية أهل الكهف صورة للصراع بين الإنسان وقوى خفية.
2-
الأحداث الأساس :
- هروب أهل الكهف من
الطاغية " ديقيانوس" الذي أقام مذبحة للمسيحيين واكتشافهم الحقيقة بعد
خروج" يمليخا" لإحضار الطعام .
- إحضار
أهل الكهف الى القصر وإصرار" مشلينا" و"مرنوش" على
الارتباط بالحياة الجديدة ،عكس" يمليخا" الذي فضل العودة الى الكهف.
-"
مرنوش" و"مشلينا "يعودا الى الكهف على التوالي بعد أن تأكدا أن
الحياة الجديدة لا تربطهما بها صلة .
- عودة
الفتية الثلاث الى الكهف واستسلامهم الى الموت ، والتحاق" بريسكا" بهم ،
ثم إقامة شعائر دينية لتوديعهم.
* القراءة التحليلية :
1) بنية النص المسرحي:
1
/1) الزمان :
ينقسم زمن المسرحية
الى قسمين :الزمن الأول ما قبل الحدث بثلاث مائة سنة ( عصر
"ديقيانوس " الملك الوثني الذي أقام مذبحة للمسيحيين ، الزمن الثاني زمن
الحدث مابعد عصر" ديقيانوس" .
1/
2) المكان :
الأمكنة تنقسم الى
ثلاثة أقسام نوردها بالترتيب حسب أهميتها :
أ- كهف الرقيم ، ب- القصر ،ج- المدينة...
1/
3) القوى الفاعلة في النص:
الوزيران : مشلينا ومرنوش ، الراعي : يمليخا وكلبه قمطير
، الاميرة بريسكا ، الملك الوثني ، الملك المسيحي ، الفارس ، جماعة الناس ، مؤدب
الأميرة : غالياس .
2)
العلاقات الثنائية في النص المسرحي:
2/
1) الموت والبعث :
تقوم مسرحية أهل
الكهف على فكرة البعث ، البعث كما تجسد في استيقاظ الفتية من نومهم أو وفاتهم ،
وفكرة البعث هذه التي استلهمها الحكيم من التراث الإنساني عامة ،
والعربي الإسلامي خاصة .
2/
2) الواقع والوهم :
إن الصراع في مسرحية
توفيق الحكيم لم يقم على الصراع بين الموت والبعث بل هي حرب أخرى بين الوهم
والحقيقة من جهة ، ومن جهة أخرى بين الانسان والزمن ، هذا الصراع الذي انتصر فيه
الزمن والحقيقة على الوهم .
3)
الجانب التراجيدي في المسرحية :
- بعث أهل الكهف وموتهم
.
- ارتباط "مرنوش" بابنه
وزوجته .
- ارتباط "مشلينا"
بحبيبته الأميرة بريسكا .
- ارتباط" يمليخا" بغنمه
وكلبه.
- التحاق" بريسكا" بنت
الملك المسيحي ب"مشلينا" لتموت إلى جانبه في الكهف.
- إقامة شعائر دينية لتوديع أهل
الكهف .
*القراءة التركيبية :
ملخص الفصل الأول
تبدأ مسرحية الحكيم في
كهف " الرقيم " حيث الظلام لا يتبين فيه الإنسان غير أطياف
ثلاث : وزيران من وزراء الطاغية " ديقيانوس " الذي أقام
مذبحة هائلة للمسيحيين في عصره ، والوزيران من المؤمنين بالمسيحية الهاربين من وجه
الطاغية . وقد اختار لهما الحكيم اسمين هما:" مشلينا"
و"مرنوش" أما الشخصية الثالثة فهي: الراعي"
يمليخا "وكلبه قمطير ، وكان ثالثهم من أبناء معركة المسيحية الأولى .
واستغرق وجودهم في الكهف ثلاث مائة عام ، ثم استيقظوا بمعجزة خارقة ، وشعرهم وأظافرهم
طويلان بفعل تأثير الزمن دون أن يمس أعمارهم وأحاسيسهم وانفعالاتهم .
وتأخذ المسرحية في
الحركة خارج الكهف إذ دهب يمليخا لإحضار الطعام من المدينة ، وفي
طريقه إلتقى بفارس فأبرز له يمليخا ما معه من نقود عارضا عليه شراء بعض صيده ،
وعندما أخذها الصياد تعجب من كونها تعود الى عصر قديم ، عصر ديقيانوس، وظن أن الراعي
الغريب المنظر قد عثر على كنز . تركه الفارس مستغربا . وعاد يمليخا الى صاحبيه
ليقص عليهما ما وقع له .
لكن بمجرد عودته سمع
أناسا يسيرون في أعقابه إذ أثار منظره ونقوده فضول الفارس والسكان . وهنا تحدث
حركة مادية نفسية يختتم بها الفصل اختتاما مؤثرا من الناحية الدرامية ، إذ لا تمضي
لحظة حتى يشع داخل الكهف ضوء ، ثم يشتد اللغط ، ويدخل الناس هاجمين على الكهف وفي
أيديهم المشاعل ، ولكن لايكاد أول الداخلين يتبين في ضوء المشاعل منظر الثلاثة حتى
يمتلئ رعبا ، ويتقهقر ، وخلفه بقية الناس في هلع ، وهم يصيحون صيحة مكتومة : أشباح
؟ موتى ؟.
فأهل الكهف يجهلون أنهم
مكثوا في الكهف سنوات طوالا نائمين في مغارتهم ، واكتشافهم الحقيقة .
ملخص الفصل الثاني
تجري
وقائع هذا الفصل في قصر الملك المسيحي ، حيث يظهر " غالياس " مؤدب
الأميرة "بريسكا " ليخبرها أن كنزا من عهد " ديقيانوس " قد
وجد مدفونا في كهف بوادي " الرقيم " . وطلبت منه الأميرة أن يذكرها بقصة
جدتها القديسة بريسكا التي عاشت في نفس الفترة منذ ثلاثة قرون، وتحمل نفس إسمها ،
وكانت تخفي دينها المسيحي عن أبيها الملك الوثني . كما أخبر "غالياس"
الملك بنبإ المخلوقات المفزعة الهيئة التي تعيش في كهف وشعرهم وأظافرهم
طويلان ، وملابسهم غريبة ، وذكره أنهم الشهداء الذين هربوا بدينهم من
"ديقيانوس" ، وقد تنبأت الكتب القديمة بظهورهم من جديد .
وبعد لحظة
جاء رهط من الناس بأصحاب الكهف الى القصر ، وفور دخولهم ، صاح "مشلينا"
: " لم يتغير شيء يا يمليخا ، ها هو ذا بهو الأعمدة كما تركناه أمس ".
فكل منهم يربطه
بالحياة الجديدة شأن خاص ، فهذا "مرنوش " يبحث عن زوجته وابنه ، وهدية
يحرص على تقديمها لابنه كما وعده . وهذا " مشلينا " تربطه علاقة حب
بخطيبته " بريسكا " ابنة " ديقيانوس" . وهذا "يمليخا"
تربطه بالحياة غنم ترعى الكلأ في مكان لا يعرفه إلا هو ، وكلب يحرس غنمه .
وبعد ذهاب"
يمليخا" الى المدينة ليستطلع الأمر ، ويتفقد غنمه ، سرعان ما يعود
الى القصر ليخبر صاحبيه أن كل شيء قد تغير ، وأن هذا العصر غير عصرهم .
ويفضل العودة وحيدا
الى الكهف من جديد لأن هذا العالم ليس عالمهم ، وأنهم أشباح موتى لا أصل لهم في
الحياة ، والكهف هو ما يملكون من مقر في هذا الوجود . ويرفض" مرنوش"
ومشلينا حتى هذه اللحظة من الأحداث أن يعودا الى الكعف ." فمشلينا" مصر
على مقابلة "بريسكا" ، و"مرنوش" مصر على الذهاب الى ابنه وزوجته
، فهما حسب تعبير" يمليخا" أعميان لا يبصران ، أعماهما الحب
.
ملخص الفصل الثالث
بعد قضاء ليلة في
القصر ، بقي " مشلينا " يتشبت ببهو الأعمدة ينتظر عشيقته "
بريسكا" ابنة " ديقيانوس" ، وهو يعتقد أن الملك المسيحي الذي وجده
في القصر قد قتل " ديقيانوس" وجلس على العرش مكانه ، ونصب نفسه قيما على
"بريسكا".
أما "مرنوش"
فسرعان ما عاد قافلا الى القصر ليخبر "مشلينا " بالحقيقة المروعة التي
اكتشفها ، وهي أن زوجته وولده قد ماتا منذ ثلاث مائة عام ، فقد توفي ولده شيخا
هرما في سن الستين ، مات قبل أن يفرح بهديته التي كان يحملها إليه، واقتنع في آخر
المطاف أن لاشيء أصبح يربطه بهذا العالم ، فهذا العالم مخيف ، وهذه الحياة
المرعبة لا مكانة له فيهما ، ويعود الى الكهف ليلتحق
"بيمليخا".
أما مشلينا فقد أصر
على البقاء في القصر حتى يقابل عشيقته " بريسكا"، رغم اطلاعه على
الحقيقة وهي أن " بريسكا" التي كان يعرفها قد ماتت منذ ثلاث مائة سنة ،
وأن التي يظنها "بريسكا " ليست إلا شبيهة بها ، فقد بقي متمسكا بموقفه ،
وتعلق بهذا الوهم بعض الوقت ، ولم يسارع الى العودة الى الكهف كما فعل صاحباه ،
وحاول بكل قوة أن يستميل إليه "بريسكا" ابنة الملك المسيحي، يذكرها
بأشياء لاتعرفها ، وبوعود لم تسمع بها . ويسترسل في مغازلة" بريسكا"
الجديدة يحسبها حبيبته القديمة . ثم يتبين له أنها حفيدة حبيبته ، ويتحول من الوهم
والخيال الى الحقيقة . ويدرك هو الآخر أن قلبه لم يعد هنا ، وأنه لا يصلح للحياة
في هذا العصر ، فقد فات زمانه ، وتبدد الوهم وخضع للأمر الواقع ، وقرر إيثار الموت
على الحياة كما فعل صاحباه ، فعاد هو الآخر الى الكهف .
ملخص الفصل الرابع
ترتبط أحداث الفصل
الرابع بأحداث الفصل الأول ، تبدأ بلحظة استيقاظ الفتية وهم يشعرون بالتعب
والاختناق ، ويتذكرون الأحداث التي جرت لهم ، ويتساءلون : أهم يعيشون في الحقيقة
أم في الحلم ، وستحضرون كل الأحداث التي مرت بهم منذ خروجهم من الكهف الى عودتهم
اليه ، وقد اختلط عليهم الأمر ، إلا أنهم يستسلمون للواقع . ويقتنع" يمليخا
"أنه لا يستطيع استئناف الحياة في هذا الواقع الجديد ، فيستسلم للموت .
ويتبعه في ذلك "مرنوش" الذي كفر بكل شيء حتى بالبعث ، فمات هو الآخر .
أما مشلينا فظل مترددا
في أمره بسبب حبه " بريسكا الشبيهة بحبيبته ، وبهذا ارتبط بالحياة من جديد .
وتحبه كذلك " بريسكا " بنت الملك المسيحي . وتأتي إليه في الكهف بعد أن
تكون قد تيقنت من موته ، ولم تشأ المجيء إليه وهو على قيد الحياة لأنها مقتنعة
باستحالة هذا الحب ، ومحال أن يجمعهما في هذا العالم ، وأصرت أن تأتي الى الكهف
لتموت بجانبه .
ويموت
"مشلينا " مؤمنا لأن قلبه يحب . وتنتهي المأساة بقيام الرهبان صحبة
الملك بشعائر دينية لتوديع أصحاب الكهف . وبذلك يغلق الكهف بعد أن التحقت بهم
بريسكا بعد شهر من الزمن .