20 كود:
أخبار عاجلة
عاجل...
أحدث الأخبار
Loading...
أحدث الأخبار
Loading...
أحدث الأخبار
Loading...

الأحد، 9 مارس 2014

المنجد


التطبيق النحوي والصرفي


ملخص قواعد اللغة العربية


معجم قواعد العربية


الاعراب الميسر


الاعراب الواضح


معين الطلاب في قواعد النحو والاعراب


الموجز في قواعد اللغة العربية


النظرات للمنفلوطي ج3


النظرات للمنفلوطي ج2


النظرات للمنفلوطي ج1


الجمعة، 7 مارس 2014

قصص مختارة


الاجنحة المنكسرة

<iframe src="https://docs.google.com/file/d/0ByThVHiVqd9WNzg0N2RmNWUtZTI1OS00ZmZmLTg1YzAtNWU3ZWVkNjNiZDMy/preview?hl=fr" width="640" height="480"></iframe>

اهل الكهف


القصص والروايات «

عبقرية الصديق تأليف عباس محمود العقاد


مسرحية: المُهَرِّج تأليف: جون أُزبورن


مسرحية أنتيجون Antigone جان أنويه


الغربان تأليف: أنري بك


مسرحية مدرسة الفضائح تأليف شيريدان


مسرحية عطيل تأليف وليم شكسبير


عبقرية علي - عباس محمود العقاد


كتاب الأمير نيقولا ميكياڤيللي


شمس العرب تشرق على الغرب زيجرد هونكه


كتاب جنة الشوك طه حسين


عباس محمود العقاد : عبقرية خالد


بروتوكولات حكماء صهيون


رواية الأيدي الناعمة توفيق الحكيم


حوار مع صديقي الملحد مصطفى محمود


البدائع و الطرائف جبران خليل جبران


الخميس، 6 مارس 2014

قواعد اللغة العربية


نهج البردة الامام البوصيري



المرأة المسلمة والتحديات المعاصرة بين حديث القرآن والواقع (1- 3) فإنّ هناك نماذج من التحديات التي تتعرض لها المجتمعات المسلمة في هذا العصر، وهناك أفكارٌ تُطرح وتمثّل تلوثاً فكرياً خطير الأثر على مجتمعات المسلمين، ذلك أن الإنسان مجهز لاستقبال المؤثرات من حوله والإنفعال بها والاستجابة لها، وكمّا أنّه مستعد بحسب تكوينه الذاتي للرقي والارتفاع، فإنه مستعد كذلك لأن ينحطّ إلى أدنى من دركات الحيوان البهيم، يقول الله تعالى فيمن حادوا عن طريق الهدى وتنكبوا الصراط المستقيم: (أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ). الأعراف 179. ومن العوامل المؤثرة في ارتفاع أو هبوط الإنسان ما يتلقى من تربية، وما تشيع البيئة حوله من مؤثرات، وما يشتغل به، ويوجه عبره غرائزه. ومن أخطر ما يواجهنا في هذا العصر هذه الملوثات الفكرية التي تشكّك في الدين، وتهز الثوابت، وتفسد الأخلاق، وتنشر الرذيلة عبر وسائل الاتصال في وقتنا الحاضر، والتي أُسئ استخدامها أيما إساءة. وما الحديث عن قضية المرأة التي تثار هنا وهناك، والمطالبة بحريتها المزعومة ونفيها عن أسباب الصيانة إلا أحد الأبواب الواسعة لإشاعة الرذيلة في المجتمع. المرأة أمام التحديات: إنّ المرأة تمثّل ثغراً من ثغور الفضيلة؛ ففي حفظها حفظٌ للفضيلة، وصيانة للنشء، وفي إفسادها إفسادٌ وتضييعٌ للمجتمع. وإن مما يؤسف له أن كثيراً من هذه الدعوات صار يحمل لواءها بعضُ أبناء المسلمين، وهذا نتيجة للغزو المبكر لبلاد المسلمين، والذي سعى منذ البداية إلى تخريج جيل بعيد عن الدين، قد أُشربَ الولاء للغرب وقيمه وأنماط حياته، وذلك عن طريق المدارس الأجنبية (التنصيرية) التي تفتح في بلاد المسلمين. جاء في تقرير إحدى اللجان التابعة للمؤتمر التبشيري الذي عقد عام 1910م: "إن معاهد التعليم الثانوية التي أسسها الأوروبيون كان لها تأثيراً على حل المسألة الشرقية يرجح على تأثير العمل المشترك الذي قامت به دول أوروبا كلها". وفي هذه المدارس تخرجت أجيال من أبناء المسلمين أو بالأحرى من متعلميهم ومثقفيهم متأثرة بضرب هذا الغزو المنظم، متطلعة إلى الأفق الغربي تستلهمه الرشد وترى فيه النموذج والمثل الأعلى، وتتشرب في نهم أنماط حياته سلوكاً وفكراً، بلا فحص، ولا بصيرة، ولا رأي سديد" . وإذا أضفنا إلى ذلك البعثات التي كانت تتقاطر على الدول الأوروبية من أبناء المسلمين الذين يستكملون تعليمهم العالي، كانت هذه نهاية المطاف في الإجهاز على بقايا الإسلام في نفوسهم وطباع الشرق وعاداته، حيث لا يرجعون في الغالب إلا وقد تأثروا بوجهة الغرب وفلسفته، وبذلك أصبحوا رصيداً في حساب أعداء الإسلام بالسلوك والتربية والعادات الجديدة. وقاسم أمين يُعدُّ واحداً من رواد تحرير المرأة في مصر، وهو نموذج لهذا الغزو، يقول د. عبدا لستار فتح الله: "قاسم أمين كان نموذجاً لما يمكن للغزو الفكري وللتعليم الأجنبي أن يفعلاه في النفوس من خلع ولائها لأصلها، وفصل مشاعرها عن ظروف أمتها". والتعليم كان أحد أخطر ميادين الغزو الفكري وأعمقها أثراً، إلا أن ميادين الغزو الفكري تعددت بأسلحته المتنوعة: "الفكرة والكلمة، والرأي والحيلة، والشبهات والنظريات، وخلابة المنطق، وبراعة العرض، وشدة الجدل، ولدادة الخصومة، وتحريف الكلام عن مواضعه" والقصة والصورة والقيم. ولقد كان لهذا الغزو من الآثار السيئة في زعزعة المسلمين عن دينهم ما لم يستطعه الغزو العسكري على مدى قرون عديدة. وقال سبحانه: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ).البقرة 217 . ومعنى الفتنة في الآية على ما نقل القرطبي عن الجمهور: "فتنة المسلمين عن دينهم حتى يهلكوا". "وكان المشركون يفتنون المسلمين عن دينهم بإلقاء الشبهات وبما علم من الإيذاء والتعذيب" . ولهذا عقّب تعالى على هذا بقاعدة تمثل قانوناً من قوانين الصراع بين الإسلام والجاهلية على مر العصور فقال تعالى: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا).البقرة217. والقتال المذكور هنا عام يراد به ما وقع فعلاً من أساليب المشركين في محاولة صد المسلمين عن دينهم بالتعذيب والإيذاء أو التضييق عليهم في أرزاقهم أو تشريدهم في البلاد أو ضربهم بالشبهات وأنواع التشكيك، وما هو محقّق الوقوع في الغد القريب من الحرب المسلحة التي شنها المشركون على المسلمين بعد نزول الآيات، ثم ما يشابه ذلك ويشاكله إلى يوم القيامة . فهذه التحديات التي يُجابه بها المسلمون في هذا العصر طرف من المعركة التي تركت آثار في بلاد المسلمين. بعض آثار التحديات التي تواجه المرأة المسلمة: وسأقف هنا مع بعض الآثار البارزة لتلك التحديات: 1- فقدان الهوية: لكل أمة شخصيتها المميزة التي تتفرد بها عن غيرها، وهذه الشخصية تنبع من العقيدة التي تدين بها الأمة وما يتبع ذلك من خلق ومنهج وسلوك. وكل أمة واعية تحرص على هذا التفرد، وتنأى بنفسها عن أن تكون عرضة لفقد عناصر تميزها، وأن تصير تابعاً ذليلاً لغيرها. والغزو الفكري وعملية التغريب هدفها أن تستسلم الأمة المسلمة للثقافة والحضارة الغربية، فتذوب الشخصية المسلمة وتقبل الفناء والتلاشي في بوتقة أعدائها "بحيث لا ترى إلا بالمنظور الغربي، ولا تعجب إلا بما يعجب به الغرب، ولا تعتنق من الأفكار والمناهج إلا ما هو مستورد من الغرب، وتبتعد عن قيمها وعقائدها وأخلاقها المستمدة من شريعة الإسلام وتتنق هذه الديانة الجديد التغريبية" . والناظر إلى حال المجتمعات المسلمة يجد وللأسف أن عملية التغريب والغزو الفكري الموجه إلى المجتمعات المسلمة نجحت إلى حد بعيد في محو ملامح تلك الشخصية والعبث بمقوماتها. والناظر في حال المرأة المسلمة – خاصة – مربية الأجيال وحصن الفضيلة يروعه "فقدان المرأة المسلمة لهويتها الإسلامية وتمييز شخصيتها، وسحب قدر كبير من انتمائها لدينها" . حتى ضمر الفارق في الاهتمامات والممارسات في كثير من بلاد المسلمين بين المرأة المسلمة والمرأة الغربية . ولو أردنا أن نعقد مقارنة بين الملامح البارزة لشخصية المرأة المسلمة في ضوء الضوابط الشرعية، وبين ما آل إليه حال المرأة المسلمة في كثير من بلاد المسلمين لهالنا الفرق وبعد الشقة بين المثال والواقع. فشعار المرأة المسلمة الظاهر هو الحجاب بالصفة التي حددها الشرع، يقول الله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ). النور 31. وهذا أمر من الله لنساء المؤمنين أن يلقين بالخمار إلقاء محكماً على المواضع المكشوفة؛ وهي الرأس والوجه والعنق والنحر والصدر، خلافاً لما كان عليه نساء الجاهلية من سدل الخمار من ورائها وتكشف ما هو قدامها. ونهاها تعالى - لكمال الاستتار - عن الضرب بالأرجل حتى لا يصوّت ما عليها من حلى فتعلم زينتاه بذلك فيكون سبباً للفتنة بها. قال تعالى: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنّ). النور: 31. ونهاها الله تعالى عن التبرج فقال سبحانه: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى).الأحزاب 33. والتبرج يكون بعدة أمور: • يكون التبرج بخلع الحجاب، وإظهار المرأة شيئاً من بدنها أمام الرجال الأجانب عنها. • ويكون التبرج بأن تبدي المرأة شيئاً من زينتها المكتسبة. • ويكون التبرج بتثنّى المرأة في مشيتها وتبخترها وترفّلها وتكسّرها أمام الرجال. • ويكون التبرج بالخضوع بالقول والملاينة بالكلام. • ويكون التبرج بالاختلاط بالرجال وملامسة أبدانهن أبدان الرجال، بالمصافحة والتزاحم في المراكب والممرات الضيقة ونحوها . ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلوة والسفر بغير محرم: "لا يخلونّ أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" . "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم لها" . فما نصيب المرأة المسلمة من هذه الضوابط التي أوجبها الله تعالى عليها؟!. إن أكثر النساء المسلمات بعيدات كل البعد عما شرع الله تعالى وأوجب عليهن. لقد صارت المرأة تخرج في كثير من بلاد المسلمين حاسرة الرأس، مكشوفة الصدر والساقين، متزينة متعطرة متبرجة، تخالط الرجال، وتزاحمهم في كل مكان وميدان. بل قد بلغ ببعضهن النأي عن أوامر الله سبحانه والإمعان في تقليد المرأة الغربية الكافرة إلى حدّ العري على الشواطئ بلا حياء، والأعتى من ذلك والأمرُّ أن بعض النساء تفخر بهذه التبعية والانسلاخ عن أوامر الله وتعدّه تقدماً ومدنية، تقول إحداهن – وهي فتاة تركية – في بعض الموانئ الإنجليزية: "إننا نعيش اليوم مثل نساءكم الإنجليزيات، نلبس أحدث الأزياء الأوروبية، ونرقص وندخن ونسافر وننتقل بغير أزواجنا". ومن لم تصل إلى هذه الدرجة ولا يزال المكر بها في أول الطريق فقد تدخلت الموضة في عباءتها وحجابها حتى أفقدتها غايتها من الستر والحشمة "وأصبحت العباءة رمز لإبداء الزينة وإظهار الفتنة وإبراز المفاتن والمحاسن. فهناك تفنن في إدخال بعض النقوش والزخارف والتطريزات، وهناك شفافية في نوع القماش وظهور ألوان متعددة على جوانب العباءة وأطرافها، وهكذا أصبحت العباءة رمزاً للموضة والفتنة" . وهذا التدرج في الإخلال بشروط الحجاب طريق إلى نزع الحجاب كما حدث في كثير من بلاد المسلمين، حتى انسلخت المرأة عن دينها وفقدت هويتها الإسلامية. سئل حذيفة رضي اله عنه: "في يوم واحد تركت بنو إسرائيل دينهم؟! قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه، وإذا نهوا عن شيء ركبوه حتى انسلخوا عن دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه).

شخصية المرأة المسلمة 1- علاقة المرأة المسلمة بربها الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، لقد أذهلني ما رأيت من تخلف المرأة المعاصرة المنتسبة للإسلام عن المستوى السامي الوضئ الذي أراد الله أن تكون فيه وليس بينها وبين بلوغ ذلك المستوى العالي إلا أن تعكف على معرفة شخصيتها الأصلية التي صاغتها نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة -وجعلت منها امرأة راقية متميزة بمشاعرها وأفكارها وسلوكها ومعاملاتها- وجعلت ذلك فيها ديناً يجب أن تعض عليه بالنواجذ. وإن بلوغ المرأة ذلك المستوى الرفيع لأمر بالغ الأهمية في حياة الإنسانية عامة، لما للمرأة من أثر كبير في تربية الأجيال وصناعة الأبطال وغرس الفضائل وتثبيت القيم وتغير الحياة بالحب والمودة والرحمة والجمال، وملء البيوت بالأمن والراحة والسكن والرضا والاستقرار. المرأة المسلمة هي المرأة الوحيدة المهيأة لإشاعة ذلك كله في دنيا المرأة المعاصرة المتعبة المكدودة، المرهقة من لغوب الفلسفة المادية ونقب الحياة الجاهلية التي عمت المجتمعات الشاردة عن هدى الله -تبارك وتعالى-. وذلك بمعرفتها نفسها وإقبالها على مكوناتها الذاتية ومناهلها الفكرية النقية وصياغة شخصيتها الصياغة الأصلية التي ارتضاها لها الله ورسوله، وميزها بها على نساء العالمين. ومن تدبر نصوص الكتاب والسنة رأى أن رحمة الله بالمرأة المسلمة كانت كبيرة -إذ انتشلها بالإسلام من الهوان والضعف والذل والوأد والتبعية المطلقة للرجل- ورفعها إلى علياء الأنوثة العزيزة المكرمة المصونة، وجعلها مستقلة بمالها إن كانت ذات مال -مساوية للرجل في الكرامة الإنسانية والتكاليف الشرعية- لها حقوق وعليها واجبات كما للرجل حقوق وعليه واجبات، وهي والرجل سيان أمام الله -عز وجل- في ثوابه وعقابه. ولم يقتصر فضل الإسلام على المرأة بنقلها هذه النقلة الهائلة من التخلف والذل والضياع إلى علياء التقدم والعزة والأمن والكفاية، بل عني عناية بالغة أيضاً بتكوين شخصيتها تكويناً شاملاً في كل جانب من جوانب شخصيتها الفردية والأسرية والاجتماعية، بحيث غدت إنساناً راقياً جديراً بالاستخلاف في الأرض. فكيف كون الإسلام شخصيتها؟ وكيف بلغ في هذا التكوين المبلغ الرفيع الذي لم تبلغه المرأة في تاريخها إلا في هذا الدين؟ أولاً: المرأة المسلمة مع ربها: ـ مؤمنة يقظة: فإن من أبرز ما يميز المرأة المسلمة إيمانها العميق بالله، وعقيدتها النقية الصافية التي لا تشوبها شائبة من جهل أو خرافة أو وهم -فعندها يقيناً جازماً بأن ما يجرى في هذا الكون من حوادث وما يترتب عليه إنما هو بقضاء الله وقدره- وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطئه لم يكن ليصيبه. وما على الإنسان في هذه الحياة إلا أن يسعى في طريق الخير ويأخذ بأسباب العمل الصالح في دينه ودنياه متوكلاً على الله حق التوكل مسلماً أمره لله موقناً أنه فقير دوماً لعونه وتأييده وتسديده ورضاه. وهذا الإيمان العميق يزيد شخصية المرأة المسلمة قوة ووعياً ونضجاً فإذا هي ترى الحياة على حقيقتها دار ابتلاء واختبار ستعرض نتائجها في يوم آت لا ريب فيه. قال -تعالى-: (قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(الجاثية:26). وقال -تعالى-: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)(المؤمنون:115). ولن يعزب عن رب العزة والجلال في هذا اليوم مثقال حبة من خردل. قال -تعالى-: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)(الأنبياء:47). فإذا تأملت المرأة المسلمة معاني هذه الآيات أقبلت على ربها إقبال الطائعات المنيبات الشاكرات، وتعد لآخرتها في هذا اليوم ما تستطيع من الأعمال الصالحات. عابدة ربها: لابد أن تقبل المرأة المسلمة الصادقة على عبادة ربها بهمة عالية -لأنها تعلم أنها مكلفة بالأعمال الشرعية التي فرضها الله على كل مسلم ومسلمة- ومن هنا فهي تؤدي فرائض الإسلام وأركانه أداءً حسناً، لا ترخص فيه ولا تساهل ولا تفريط. تشعر بمسئوليتها عن أفراد أسرتها: لا تقل مسئوليه المرأة المسلمة عن أفراد أسرتها أمام الله -عز وجل- عن مسئولية الرجل، بل قد تكون مسئوليه المرأة في بعض الجوانب أكبر من الرجل لما تعلم من خفايا حياة أولادها الذين يعيشون معها وقت أطول، وقد يطلعونها على ما لا يطلعون عليه الأب. فالمرأة المسلمة الواعية تشعر بهذه المسؤولية كلما سمعت قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) متفق عليه. همها مرضات الله -تعالى-: فهي تطلع دوماً في أعمالها إلى مرضات الله -عز وجل- وتزنها بهذا الميزان الدقيق -فما رضي الله عنه فعلته- وما لم يرضى الله عنه أعرضت عنه وكرهته، وإذا وقع التعارض بين ما يرضي الله -عز وجل- وما يرضي الناس فإنها تختار مرضات الله بلا تردد ولو أسخط الناس، مستهدية في ذلك بهدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- القائل: (من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)(رواه الترمذي وصححه الألباني). تعمل على نصرة دين الله -عز وجل-: فمن أجل الأعمال التعبدية التي تقوم بها المرأة المسلمة هو نصرة دين الله في واقع الحياة، والعمل على تطبيق منهجه في حياة الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، فهي تشعر في أعماقها أن عبادتها تبقى ناقصة إذا هي قصرت في هذا الجانب الحيوي من حياتها وحياة المسلمين جميعاً، إذ به يتحقق الهدف الكبير الذي خلق الله الجن والإنس من أجله، وهو إعلاء كلمة الله في الأرض والذي به وحده تتحقق عبادة البشر لله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)(الذاريات:56). ولاؤها لله وحده : فالمرأة المسلمة لا يكون ولاؤها إلا لله لا لأحد غيره، ولو كان زوجها أو أبيها وهم أقرب الناس إليها، ونجد قمة هذا الولاء في صنيع أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان -رضي الله عنهما- عندما زارها أبوها وهم بالجلوس فما راعه إلا إن راءها وثبت على الفراش فختطفته وطوته عنه- فقال يا بنية ما أدري أرغبتي بي عن هذا الفراش أم رغبتي به عنى؟ قالت: بل هو فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنت رجل مشرك فلم أحب إن تجلس عليه تقوم بواجب الأمر عن المعروف والنهى عن المنكر: وهذا من تكريم الإسلام للمرأة عندما كلفها بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد بوأها مكانة اجتماعية وإنسانية عالية -إذ جعلها لأول مرة في التاريخ آمرة وما كانت تعرف في غير دين الإسلام إلا مأمورة وقال -تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(التوبة:71).

سمات المرأة المسلمة المعاصرة, والتحديات التي تواجهها د. أحمد الغامدي | 8/1/1429 هـ أولاً: المقدمة: الحمد لله ما أشرق صباح، وما غرد بلبل صداح، الحمد لله ما انساب نهر، وما أورق شجر، وما تلألأ نجم وقمر، والصلاة والسلام على الخليل المجتبى، والرسول المصطفى محمد وعلى آله وصحبة أجمعين، أما بعد: فإن هذه محاضرة بعنوان: (سمات المرأة المسلمة المعاصرة، والتحديات التي تواجهها). ألقيت على مسامع أخواتنا الفاضلات، في كلية التربية للبنات بالباحة، الأقسام الأدبية يوم الاثنين الموافق: 13/2/1427هـ وحيث إنها لاقت استحسان ثلة من المستمعات، عمدت إلى كتابة أطرافها، رجاء أن ينفع بها من تراها من أخواتي المسلمات الكريمات. أهمية المحاضرة: إن هذه المحاضرة بعنوانها الكريم تأخذ أهمية قصوى تبرز عبر الآتي: 1. إن المستهدف بها هو النصف الآخر من المجتمع، والذي يلد النصف الآخر، تمثله النخبة المتعلمة من أخواتنا الموفقات. 2. إنها تعالج محورين شموليين، كل واحد منهما حري بالبحث والدراسة العلمية، والتربوية والاجتماعية الرصينة. 3. تركيز المؤسسات التغريبية بقيادة الصهيونية العالمية، ومؤسسات الاحتلال، وعملاؤهم على عنصر المرأة الآن، باعتبارها كما يزعمون صيداً سهلاً، فاعلاً في الحياة سلباً، غفل عنه مخططو الحروب الصليبية السابقة. 4. إن سمات المرأة المسلمة المعاصرة أخذت بعض أبعاد، هي بحاجة ماسة إلى مراجعات، في ضوء ثوابتها الشرعية. 5. إن بعض أوساط نسوية قلة في مجتمعنا، تجاوبت وبشدة مع دعوات تحريرية؛ علمانية لبرالية وجودية ذرائعية نفعية مادية شهوانية. ثانياً: محاور المحاضرة: المحور الأول: المرأة المسلمة المعاصرة والثوابت: مما لا يشك فيه عند كل مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن هناك ثوابت شرعية ترسم حياة الناس عموماً، ومن ذلك حياة المرأة على الخصوص وهي في الجملة كالآتي: 1. اليقين التام بأن المرأة مخلوقة لله تعالى مكلفة مأمورة بعبادته وحده دون سواه كما أراد هو جل وعلا لا كما أرادت هي قال تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}الأعراف54 وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}الذاريات56 2. اليقين التام بأن القرآن الكريم والثابت من السنة النبوية والإجماع الصادق والقياس المنضبط بشروطه هي مصادر التشريع في حياة المرأة المسلمة المعاصرة وأنها الدالة على الخير والسعادة في الدنيا والآخرة والتي يجب التسليم والانقياد لها محبة ورغبة وإجلالاً كما قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}النساء65. 3. اليقين التام بأن هذا الدين هو الخاتم الذي لا دين بعده، وأنه الحق الذي لا يسع أحد غيره، وأنه صالح لكل زمان ومكان في الاعتقاد والتشريع وشؤون الحياة النسوية بعامة. وأن ما سواه جاهلية مقيتة كما قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}المائدة50. 4. اليقين التام بأن الصورة التطبيقية لحياة المرأة المثالية هي ما كان عليه أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن وأرضاهن. وعليه فإن المرأة المسلمة المعاصرة في اعتقادها وعباداتها ومعاملاتها وسلوكياتها بين أمرين: الأول: إمكانية أتباع أمهات المؤمنين في ذلك كله أم لا فإن أمكنها ذلك فلا يخلو إما أن يكون المقتدى فيه واجب أم مستحب أم مباح فإن كان واجباً فالإقتداء فيه واجب وإن كان مستحباً فالاقتداء فيه مستحب وإن كان مباحاً مما لم يرد فيه أمر ولا نهي فإنها تفعل ما تراه أقرب إلى سمات الصحابيات رضي الله عنهن جميعاً. ثانياً: إن كان مما لا يمكن الاقتداء فيه بالصحابيات مما هو محدث من المخترعات والوسائل الحديثة التي لم تكن في عهد الصحابيات والصالحات من بعدهن فإن المرأة المسلمة المعاصرة تقدم درء المفاسد على جلب المصالح، وتستفتي العلماء الراسخين في العلم المشهود لهم بالعدالة والصيانة والديانة، فإن لم يكن ذلك استفتت قلبها فما حز في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الآخرون تدعه. ففي الصحيح قال _صلى الله علية وسلم_: "... من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". 5. اليقين التام بأن جميع المناهج الوضعية مهما زينها أصحابها بالشهوات والشبهات هي مزاحمة للشريعة الربانية لا يجتمع في قلب مسلمة حبها وحب الشريعة أبداً، وأن تلك المناهج قاصرة جائرة متناقضة كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}النساء82 وعلية فإن ما في تلك المناهج من خير فإن الشريعة قد سبقت إلية فالله أعلم بمصالح عباده من أنفسهم، قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}الملك14. 6. اليقين التام بأن ما شرعه الله من حقوق للمرأة هو قمة العدل والإحسان حيث ساوى بين الرجل والمرأة فيما يمكن فيه التسوية والاشتراك ومايز بينهما فيما يوجب ذلك باعتبار الخلقة والاستعدادات النفسية والجسدية قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}النحل90. 7. اليقين التام بأن ما لم يكن ديناً على عهد الرسول صلى الله علية وسلم لا يكون ديناً الآن حيث إن المرأة المسلمة عاشت أحقاباً من الدهر إلى زمننا هذا لم تعرف الدعاوى الباطلة الآثمة التي تنازع الله _جل وعلا_ في أمره ونهيه وقدره باسم الحرية وحقوق المرأة. 8. اليقين التام بأن الخير والشر في صراع دائم إلى قيام الساعة وأن المرأة المسلمة المعاصرة في معركة دائب مستعر أوارها، وعلية فإن أعداء الله تعالى ما برحوا يوجدون الخصومة بين المرأة والرجل والمرأة وكتاب ربها تعالى وهذا خلاف الحقيقة الصادقة. قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ}البقرة228. 9. إن ما نال المرأة من ظلم واستبداد قديماً وحديثاً ترفضه الشريعة الإسلامية وتنكره أشد النكير وتوجب تغييره، فكيف تلام وهي التي حمت حمى المرأة قديماً وحديثاً. 10. إن المرأة المسلمة المعاصرة محاسبة على أعمالها إن خيراً فخير وإن شراً فشر قال الله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}الزلزلة8 المحور الثاني: المتغيرات في حياة المرأة المسلمة المعاصرة الآن: إن حياة المرأة المسلمة المعاصرة الآن وفي نواحي شتى لم تعد تلك الحياة البسيطة السهلة كما كانت لأخواتها من ذي قبل، بل طرأ عليها متغيرات عدة مركبة، ساهمت إلى حد بعيد في ملامح شخصيتها، و من أبرزها الآتي: 1. خفاء جملة وافرة من أحكام الشريعة الإسلامية ذات المساس بحياة المرأة باطناً وظاهراً. 2. الميل الشديد إلى الترف ومحاكاة الآخرين، ولا ريب أن الترف مذموم شرعاً لما يحدثه من بطالة ودعة وسكون انعكست على الروح بالضنك والشقاء النفسي، وعلى الجسد بالخمول والترهل والأمراض العصرية الفاتكة، ناهيك أختي الفاضلة عن استجابة المترفات إلى محاكاة الآخرين حتى أصبحت إحداهن صورة طبق الأصل للسافرات الماجنات، بل تعدى الأمر إلى التشبه بالفساق من الرجال. وقد نهيت المرأة عن ذلك كما في الصحيح: "من تشبه بقوم فهو منهم" وقوله صلى الله علية وسلم: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال". 3. سيطرة النزعة المادية النفعية على كثير من مناشط الحياة النسوية، فلم تعد المنفعة الأخروية حافزاً قوياً عند بعض النساء كما كانت عند الصحابيات رضي الله عنهن، ولا شك أن ذلك استجابة قوية للوجه الاجتماعي للعلمانية حيث إنها لا تؤمن بالغيب ولا بموعود الله جل وعلا لأوليائه في الآخرة، كل ذلك جعل فئات من النساء تمارس سلوكيات وسمات غير محمودة شرعاً. والله تعالى يقول: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى}الضحى4. 4. ثورة الوسائط المعلوماتية المتعددة في العلم والثقافة والتربية والاجتماع بما تحمله من توجهات فكرية وسلوكية متباينة على المجتمعات، و قد لحق المرأة المسلمة المعاصرة نصيب وافر مما هو مؤثر في حياتها سلباً، لذا كان لا بد لها أن تقف بحزم وشجاعة إيمانية تنتقى من تلك الوسائط النافع في حياتها ومعادها، ففي الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنة صحيفة من كتاب اليهود فغضب النبي صلى الله علية وسلم وقال: "أفي شك منها يا ابن الخطاب والله لقد جئت بها بيضاء نقية ولو كان أخي موسى حياً ما وسعة إلا أن يتبعني". 5. ما أحدثته الآلة بعد الثورة الصناعية من وفرة الإنتاج وجودة عالية في المنتج مما ساهم بشدة في اختزال الوقت والجهد السابق إلى نسبة عالية، كل ذلك استدعى برامج حياتية نسائية جديدة تميل إلى الترفه والنزهة والراحة واللهو، لذا يجب على المرأة المسلمة المعاصرة إعادة النظر في الإفادة من وقت الفراغ واستحداث برامج عقلية وجسدية نافعة في الحياة الدنيا والآخرة. المحور الثالث: سمات المرأة المسلمة المعاصرة: إن الله تعالى بعلمه وحكمته وقدرته البالغة قد رسم للمرأة المسلمة سمات تتميز بها عن غيرها سواء في الباطن أم الظاهر، وإن الناظرة المنصفة لتلمح ذلك في الكتاب العزيز والسنة النبوية الصحيحة من أول وهلة، وكل هذه السمات على وجه الإجمال دائرة بين العدل والإحسان، وأما على شيء من التفصيل فهي كالآتي: السمة الأولى: (الوسطية): وهي العدالة والخيرية، والوقوف وسطاً بين طرفي الإفراط والتفريط، الذي هو العدل، وفعل الخير والحسن في كل شيء الذي هو الإحسان. قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}البقرة143 وتتمثل هذه الوسطية في الاستقامة على طريق الحق، باجتناب ما هو محذور ديناً، وتسوية الحقوق بين المستحقين في حقوقهم، وبذل الحقوق الواجبة للغير، وأخذه دون زيادة، وفصل الخصومات على ما في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله علية وسلم لا الحكم بالهوى و الرأي المجرد. ويشمل العدل كل مجال من عقائد وشرائع وتعامل مع الناس بامتثال الحق وترك الظلم والإنصاف من النفس وإعطاء الحقوق. قال الله تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ}الأعراف29 والعدل هنا هو أدني مراتب الوسطية، وأما أعلاها فهو الإحسان الذي يشمل العدل ويزيد عليه، إذ العدل أن تأخذ المرأة المسلمة المعاصرة ما لها وتعطي أكثر مما عليها، والعدل يكون في الأحكام، والإحسان يكون في المكارم. وكلا الأمرين مأمورة به المرأة المسلمة المعاصرة كما قال تعالى:{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}النحل90. هذا وإن للإحسان معان باعتبار السياق الذي يرد فيه في الكتاب والسنة وتلك المعاني هي كالأتي: المعني الأول: أن يقترن بشيء من حقوق الله تعالى وما يجب له من العبادة، فيكون المراد به ما عرفه به النبي صلى الله علية وسلم عندما سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان فقال: "أن تعبد الله كأنك تراه" والمعنى عبادة المسلمة ربها في الدنيا على وجه الحضور والخشوع، والمراقبة، والإتقان، وهي على حالة من الإخلاص والمتابعة حتى يغلب عليها وكأنها تشاهد الله تعالى بقلبها لا بعيني رأسها، فإذا حصل لها ذلك فإنها لا تدع شيئاً مما تقدر عليه إلا فعلته دون تكلف ودون روية. ففي الصحيح عن النبي صلى الله علية وسلم: "اعبد الله كأنك تراه". المعنى الثاني: أن لا يقترن لفظ الإحسان في الكتاب والسنة بشيء من حقوق الله تعالى أو ما يجب له من الطاعة مطلقاً، فيكون المراد به: فعل ما ينبغي فعله من الإنعام على الغير، وما تصير به الفاعلة حسنةً في نفسها وعملها. وهنا تجد الباحثة المدققة من أخواتي المسلمات المعاصرات أن النصوص الكريمة الواردة في الإحسان والعدل تشكل علاقة المسلمة المعاصرة بربها جل وعلا، وأنها علاقة عبودية له دون غيره بكمال الطاعة وإتقانها وإخلاصها له تعالى على أكمل وجه تقدر عليه في جمال الظاهر والباطن وكأنها تراه جل وعلا بقلبها قال تعالى: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}الإسراء7. كما تشكل علاقتها بقرابتها الأدنيين وهم الوالدان، والزوج، والأولاد، كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى}البقرة83. وتشكل علاقتها بقرابتها الأبعد وهم الإخوان والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات وأبناؤهم وبقية الأنساب والأصهار والآية الأولى تصلح دليلا على ذلك. وتشمل الإحسان إلى من سوى أولئك من المسلمين الجيران والأخوات في الله تعالى وبقية أفراد المجتمع الذي تعيش فيه لا سيما الفقراء واليتامى والأرامل والمساكين وابن السبيل والمماليك قال الله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً}النساء36. كل ذلك تفعله المؤمنة تواضعاً دون اختيال أو تكبر. ابتغاء مرضات الله تعالى لا لعوض من الدنيا. وتشكل العلاقة مع غير المسلمين ممن لم يحمل السلاح على الإسلام والمسلمين كما قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}الممتحنة8 وتشمل المرأة المسلمة المعاصرة بعدلها وإحسانها غير الإنسان كالملائكة الكرام عليهم السلام، فلا تكشف شيئاً من عورتها، ولا يشم كريهاً من رائحتها، ولا تقيم على معصية لله تعالى، وكذا تشمل بالإحسان النباتات والحيوانات والجمادات وغيرها، كما قال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}الأعراف56. إن المرأة المسلمة المعاصرة إذا استطاعت تحقيق سمة الوسطية في الباطن بالإيمان بالله تعالى، والإخلاص له، واتباع الكتاب والسنة الصحيحة، بعد العلم بهما، ومراقبة الله تعالى، والصبر بجميع أنواعه، والتأمل والتفكير والتدبر في آيات الله المنظورة والمقروءة، والخوف من عذاب الله تعالى، والخشية له، وعلو الهمة والعزم فيما يقرب إلية سبحانه، والتوكل عليه والتواضع للمؤمنين والزهد فيها يؤخرها عن الدار الآخرة، ومحبة الله تعالى ومحبة ما يحبه، والرجاء فيما عنده، والتقوى مما يسخطه، والخشوع بين يديه، وتعظم شعائره وأمره ونهيه، وحسن الظن به، والفرح بفضله ورحمته، وموالاة أولياءه ومعاداة أعدائه، واليقين بما أخبر به وأعده لمن أطاعه وعصاه، والإحسان إلى النفس بدوام تزكيتها وشدة محاسبتها ثم أعقبت ذلك بسمات الوسطية في الظاهر بكثرة تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، وحمده وشكره، ودعائه والصدق في الحديث، والاستقامة على الأمر والنهي، والطاعة المطلقة لله ورسوله، وعمل الصالحات، والمسارعة والمسابقة والمنافسة في الخيرات، وتطهرت من النجاسات، وإقامة الصلوات، وأطالت القنوت، وآتت الزكاة وتصدقت وأنفقت في سبيل الله، وصامت الفرض واتبعته بالنوافل، وحجت البيت واعتمرت، وهجرت السوء، وأحسنت إلى نفسها بالطيبات من المأكل والمراكب والمساكن والمناكح، وكانت شجاعة في قول الحق لا تخاف في الله لومه لائم، قائمة بالعدل، تدعوا إلى الله تعالى، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ناصحة توصي بالخير، ساعية بالإصلاح بين الناس، محسنة إلى والديها وزوجها وأقاربها والضعفة من المسلمين، حسنة الخلق والمعاملة والمعاشرة لكل أحد، تكظم الغيظ، تعفو وتصفح عن المسيء، متحلية بالحلم، والرحمة والأمانة، عفيفة حيية، سمحة، تستأذن فيما يستأذن فيه. إن المرأة المسلمة إذا فعلت ذلك كله ابتغاء مرضات الله تعالى وكأنها ترى الله تعالى بقلبها حين فعله فقد استكملت الوسطية بحذافيرها وهي القدوة في عبادتها لربها. السمة الثانية: (الشمولية والتوازن): إن المرأة المسلمة المعاصرة شمولية متوازنة في تعاطيها مع الحياة والتكاليف جميعاً، ترى صورة الحياة كاملة، بكل ما تحويه من تنوع وألوان، تضرب بسهم وافر في كل فضيلة، لا تلهيها طاعة عن طاعة، ولا فضيلة عن فضيلة، تأخذ بكتاب ربها جميعاً، كما قال تعالى:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}البقرة85. وهي متوازنة لا تضخم جانباً من حياتها على الآخر، تزن الأمور بموازين الشريعة، فلا تقدم النوافل على الفرائض، ولا المباح على النوافل، تأخذ بحضها من العبادة والترويح المباح، لا توغل في زينة الظاهر دون الباطن، بل تجمع بين صلاح الباطن والظاهر. السمة الثالثة: (الواقعية): إن المرأة المسلمة المعاصرة واقعية في تصوراتها وقدراتها لنفسها والآخرين، فهي لا تنزع إلى المثالية التي لا يمكن تطبيقها في واقع الحياة، لعلمها أن تلك الواقعية حماية لها من الوقوع في براثن الأمراض النفسية والجسدية، ولما تراه في النساء اللواتي جنحن إلى الخيال المفرط فأرهقن أنفسهم وأجسادهن، وحملن المحيط الأسرى من حولهن أعباء جسيمة، كانت سبباً في الشقاء وتقطع أواصر المودة، كل ذلك قد تجره نظرات إلى من فاقها قدره مالية أو خلقية، ناسية أن الله تعالى يبتلى عبادة بالخير والشر، وأنه قسم بين الناس معايشهم وأرزاقهم، فعلى المرأة المسلمة المعاصرة أن ترضى عن الله تعالى بالصورة التي خلقها عليها، وبالزوج الذي قدره لها، وبالأولاد الذين هم نصيبها من الدنيا، ولا تنظر إلى من فوقها حتى لا تزدري نعمة الله عليها كما قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}النساء32. وهي كذلك واقعة في طروحاتها للآخرين تراهم بشراً يخطئون ويصيبون، تأهب خطأ الناس لصوابهم، تخالطهم وتصبر على أذاهم، تقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، بعبارة لطيفة، متفائلة بخير لمستقبلها ولمستقبل مجتمعها بعامة. السمة الرابعة: (الإيجابية): إن المرأة المسلمة المعاصرة ايجابية مبادرة لا تنتظر الأوامر من أحد ما دام أن ذلك فضيلة، تصنع الظروف المناسبة لتفوقها، كما قال يوسف علية السلام كما حكي الله عنه: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}يوسف55. لا يمنعها إن تعثرت مرات في الأداء، بل تجعل الإخفاق سبيلا إلى النجاح في التغيير والإصلاح المحمود، ولعلة من المناسب أن أطرح على أختي الفاضلة سؤالاً: أين إيجابيتك ومبادرتك الاجتماعية بالمشاركة الفاعلة في محاضن التربية والتعليم والعمل الاجتماعي في محيطك الجغرافي؟ وكم فكرة ايجابية بادرتي بتسجيلها لنفسك في جمعيات البر الخيرية، ودور التحفيظ واللجان الاجتماعية؟ ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام إن المرأة المسلمة المعاصرة مغامرة ترى الحياة فرصة واحدة، تسعى بكل ما أوتيت من قدرات روحية وجسدية إن لا يسبقها في الفضائل أحد، فهي لا تنظر إلى أطراف أقدامها بل، هامتها مرفوعة إلى السماء، تصعد لتأخذ مكانها فوق الثريا، طلقت الدعة والراحة والسكون، وأتعبت في ذات الله نفسها، مجاهدة صابرة، وفارسة أصيلة، حاضرة في كل ميدان مبارك، رائعة في صرختها لأخواتها تنادي بصوت كله حنو ومودة البدار البدار، من هاهنا الطريق أختاه. إنها حارسة يقظة على الفضيلة، لا يطمع فيها العدو ولا ييأس من برها المجتمع. السمة الخامسة: (العلمية): إن المرأة المسلمة المعاصرة تعتقد أن دراساتها، فيما يتلاءم مع فطرتها وفي التخصص المرغوب لديها مما تقدر عليه، يخدمها ومجتمعها، تراه حقاً واجباً عليها، فهي متوثبة دائما تبحر في خلجانه وتخاطر بنفسها في بحارة ومحيطاته، وتغوص في أعماقه لا تسأم لقط دره وجمع كنوزه، ولا تفتر في كتابته، ولا تلين لها قناة في تحصيله، مهما لاقت من العنت والمشقة والحرمان في الاشتغال به، إنها تتلذذ في مكابدته وتستمتع بالسهر في مذاكرته، حتى غدت مستودع علمه وكنز معرفته، لا تغيب عنها أصولة، ولا تشرد عنها فروعة، قد أوثقت كل التخصص برباط حديدي عقلي، لا يفله الزمن ولا تؤثر فيه عوامل الحياة، تتابع جديدة بالتصويب والاستدراك والتعليق.إنها تفعل كل ذلك مع يقينها التام أن مشاركتها في المعارف الأخرى، وأخذها بنصيب وافر في كل طرف من الثقافة هو رفعة في قوامها العلمي وبنائها الشخصي. واضعة نصب عينيها قول الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}المجادلة11 وقوله جل وعلا: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}الزمر9. حذرة من التعالم فيما ليس لها به علم، بعيدة عن الكبر والتعالي بما آتاها الله منه، بل كلما ازدادت علماً ازدادت للخلق تواضعاً. السمة السادسة: (المهنية): إن المرأة المسلمة المعاصرة واعية تدرك إن لها طبيعة تختلف عن الرجال في التركيبة الجسدية والنفسية فهي ناعمة التركيب الجسدي والنفسي مكان للصون والستر خلافاً للرجل القادر على الحل والترحال، ومعافسة الضيعات الجسام، تساعده عضلاته المفتولة على تحمل المشاق، وتدعمه نفسه على مداراه اختلاف الطباع.وقد راعى القرآن هذه الخصوصية بقوله تعالى: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}الزخرف18. وقال الشاعر: كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول إن من تمام عبودية المرأة المسلمة العاصرة لربها جل وعلا، يقينها التام بأن قرارها في بيتها، تدير مملكتها تصنع العلماء والقادة، والساسة والمربين، هو خير لها مما سوى ذلك مهما كانت المكاسب لقوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى). إنه وإن برزت أوساط نسائية في بعض البلدان الأجنبية إلي أعمال الرجال فأن ذلك دليل حرمان لها من حقوقها المهنية الصالحة. لذا يجب على المرأة المسلمة المعاصرة أن تنظر لها بعين الشفقة والرحمة ناهيك عن إخلالها بوظائفها الأساس لذا كان عليك أختي الفاضلة أن تكوني يقظة أشد اليقظة للدعوات المشبوهة التي أرادت هدم كيان الأسرة باعتبارها معاقل تربية صالحة باسم حق المرأة في العمل. نعم إن المرأة المسلمة المعاصرة مهنية نشطة فيما تسمح به شريعتها، ويتناسب مع فطرتها مما لا يضر بإدارة بينها والقيام بحقوق زوجها وأولادها، بعيداً عن الاختلاط والسفور والتبرج، ثم إن المرأة قد تعوزها الحاجة إلى العمل خارج المنزل بما ذكرت من الشروط، غير إنها لا تفتح الباب على مصراعيه بل في وقت محدد، وإلى زمن معين بمقدار سد الحاجة لا غير، ثم تعود بكليتها إلى بيتها الذي هو مملكتها تملاؤه طاعة وبراَ وإحساناَ، إذا كان الأمر كذلك وهكذا يجب أن تكون المؤمنة. فإن المرأة المسلمة المعاصرة مهنية بارعة جداً، وربة بيت متميزة للغاية، شعارها الإتقان والجودة العالية، وسرعة الإنجاز، إنها تعمل في صمت وهدوء بعيداً عن جلب أنظار الآخرين، بعيداً عن الشكوى والتذمر، لا تقدم على أعمالها برؤية عشوائية جاهلة، بل تعطي العمل مهما كان حقه الكافي من الـتأمل والتفكير والتخطيط السليم، لا تأنف أن تستشير حتى، إذا استكملت معالمه ورسمت خارطته، شرعت تستدعي له أفضل الوسائل المتاحة، ثم تشرع مستعينة بالله تعالى في تنفيذه خطوة خطوة، تعطي كل خطوة نصيبها من الوقت والجهد التام، لا تقطف الثمرة قبل نضجها، قبل أن، حتى إذا لم يبق إلا اللمسات الأخيرة للإخراج أضفت عليه من المراجعات الدقيقة جهداً لا يقل عن على عمله، فإذا اطمأنت إلى جودته ألبسته حلة براقة تحكي روعة مزاجها، ودقائق شخصيتها، فإذا حان وقت عرضه على الآخرين تخيرت له المكان والوقت المناسب والإضاءة الكافية التي من شأنها تبرز جماله. إنها هكذا في بيتها، وهذا في عملها متميزة جداً فالله ما أجمل بيتها لا تمل النفس من الجلوس فيه ولا النظر في جنباته، صحي طيب الرائحة، نظيف المرافق هادئ الألوان، متناسق الخامات، كل شيء وضع في مكانه الصحيح. كل ذلك بعيداً عن التبذير والإسراف إنه وللأسف الشديد زاد من الرتابة في البيوت تشابهها وطرائق العيش فيها، حتى لا يكاد الناظر يلمس فرقاً بين بيوتات المجتمع ومعايش أهله. إن المرأة المسلمة المعاصرة تستطيع أن تصنع من بيتها ومكان عملها جنة تجدد كل حين بإذن ربها. إن المرأة المسلمة المعاصرة ربة بيت ناجحة، ينعم زوجها وأهلها بحسن عشرتها تضع نصب عينها قوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله". السمة السابعة: (العفة): إن المرأة المسلمة المعاصرة عفيفة عن المحارم والمآثم، تضبط نفسها عن الشهوات إلا على الوجه المشروع في اعتدال وفق الشرع والمروءة، إنها يوسفية العفة كما ذكر الله: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}يوسف23 تعلم علم اليقين أن أكثر ما يدخل الناس النار هو "الفم والفرج". كما في الحديث الحسن وأن حفظ الفروج وغض الأبصار سبب في دخول الجنة، كما قال صلى الله علية وسلم: "اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: أصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم". والحديث حسن قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}النور33. إن المؤمنة الحقيقية هي التي تتوجت بتاج العفة باطناً وظاهراً حيثما كانت لا تساوم على حجابها مهما كانت الضغوط والمغريات والسخرية والاستهزاء كما قال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}النور31. وهكذا أيتها العفيفة علق الله الفلاح في الدنيا والآخرة على العفة كما قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}المؤمنون1 إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}المؤمنون5. إن المرأة المسلمة المعاصرة لا تبيع عرضها وعفتها بملء الأرض ذهباً ترضى أن تمزق إرباً إرباً ولا ينال من عفتها قدر أنملة واحدة. أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض في المال وكل كسر فإن الله جابره وما لكسر قناة الدين جبران أيتها المسلمة الواثقة بربها إن الحشمة في اللباس تقتضي ستر المفاتن وعدم الخضوع بالقول وترك التطيب عند الخروج ولمن لا يحل له ذلك منك فلا تغترين بالخراجات الولاجات المطاردات للموضات المتشبهات بالكافرات، فإن التوسط هو الجمال الحقيقي الذي لا يعلوه جمال. السمة الثامنة: (الثبات): أختي الكريمة إن المرأة المسلمة المعاصرة سابقة بالخيرات، منافسة في الطاعات، تسارع إلى مغفرة من ربها ورضوان، ليس في قاموس شخصيتها الوقوف أو التقهقر للوراء، لا تبدد طاقاتها الروحية والجسدية ذات اليمين وذات الشمال، بل هي على الصراط المستقيم تمتثل قول مولاها عز وجل: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}الأنعام153 مستعينة بالله تعالى تردد قوله الحق: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}الفاتحة6. أيتها الواثقة بربها: إنه ليس في دين الله الوقوف على حالة واحدة، بل التقدم أو التأخر كما قال تعالى: {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}المدثر37 ولله در القائل: ونحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر والقائل: ومن يتهيب صعود الجبال يعيش أبدا الدهر بين الحفر أيتها المسلمة المعاصرة: إنه من السهل بعد المجاهدة الوصول إلى مراتب الكمال ولكن من الصعب الترقي أبداً في مدارج الإحسان حتى تبلغي درجة الصديقية ما لم تملكي قوة خديجية وعزيمة عائشية. أختاه: إنك تعيشين معركة شرسة تستهدف دينك وحياءك، وطهارتك وعفتك، وتركيبة أسرتك فكوني على مستوى المواجهة لهذه المعركة، التي رفع أعلامها الشيطان الرجيم وأتباعه من دعاة الإباحية والهوى الطائش. أختاه: إنك منصورة بإذن الله تعالى ما نصرتي الله في نفسك، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فلا تهني ولا تحزني فإن العاقبة للمتقين. يقول الله جل وعلا: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}آل عمران186. المحور الرابع: التحديات التي تواجه المرأة المسلمة المعاصرة: إن المستقصي لطبيعة التحديات التي تواجه المرأة المسلمة المعاصرة الآن؛ يجد أنها لا تخرج عن أمرين وهما: الأول: تحديات داخلية تتمثل في الآتي: أ‌- العادات والتقاليد الموروثة التي أسهمت في عدم تفوقها أو أدت إلى تراجعها مما جاء الإسلام بنبذه والتصدي له. مثل: مصادرة حقوقها في اختيار الزوج الصالح، والنظرة إليها بالدونية. ب- الأوهام التي كبلت انطلاقتها فيما يمكن أن تكون نافعة فيه لها ولأخواتها المسلمات مثل: الشعور بالفشل قبل التجربة، والشعور بكراهية الرجل للمرأة. ج- سيطرة جملة من الخرافات والشعوذة على تحركات المرأة؛ خوفاً من الحسد أو العين أو السحر، مما دفن مواهبها وإبداعاتها في مهدها، وأصبحت تعيش حالة من الرعب خوفاً من القادم المجهول، مما جعل جمله من النساء يعشن فترات من حياتهن ينتقلن بين العيادات النفسية، ودور الرقية الشرعية، وأخيراً حطت الرحال بعضهن بين أيدي السحرة والمشعوذين، وهي من قبل ومن بعد في سلامة وعافية حقيقية. د- اليأس والقنوط والتذمر، والنظر إلى الحياة بعيداً عن التفاؤل، كالتي ترى المجتمع هالكاً والتغيير فيه متعذراً لا تخلع عن عينيها النظارة السوداء القائمة، فلا تبصر الطل والندى، ولا الزهر والكلأ. فهي تبشر بقيام الساعة اعتزلت الناس قاطبة. أختاه: لم تزل الأمة بخير، ولا يزال للحق مقال، والذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم. فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فصيلة فليغرسها". و- دواعي الشهوات والملذات والمتع الجسدية التي أحدثها الفراغ والجدة ولعمر الله لقد اغتالت الزلفى إلى الله تعالى، وكسرة قناة الطموح، وبددت عزائم التفوق، حتى غدت أخوات لسن بالقليل يعشن على هامش الحياة الجادة، يتقلبن من موضة إلى أخرى، وينتقلن من مشهد إلى آخر، ومن أغنية إلى أخرى، هجرن القرآن الكريم، وأعرضن عن التسبيح والتهليل، ورضين بالدون في معاشهن ومعادهن. إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة أختاه: إن مصارع العاشقات، ومرابع الخليعات، شاهدة على انحطاطهن أمام شهواتهن. قد نصبوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل إن أهنأ عيشة قضيتها ذهبت لذاتها والإثم حل الثاني: التحديات الخارجية التي تواجه المرأة المسلمة المعاصرة وأهمها الآتي: 1. الغزو الفكري: وهو الجهد المبذول من الأعداء لسكب معركة الحياة وقيادة الأمة الإسلامية وفق ما يريدون. وأخطرها ما قبل الرحلة العسكرية وما بعدها حيث تمسخ الشعوب وتذبذب عقائدها وتعد نخبة لقيادة الأمة تربوا على أعينهم، ينفذون سياساتهم الاحتلالية، التي من شأنها طمس هوية المجتمع المسلم وتدمير عقيدته وقيمه. وإحلال المبادئ المنحرفة والقوانين الوضعية والإباحية والاختلاط محلها. والاستيلاء على ثروات البلاد والحيلولة القوية دون امتلاك القوة، واصطناع معارك وهمية بين المجتمع، من شأنها تشتت تفكيره وتستنزف طاقاته. عبر وسائل الإعلام طعناً وتشويهاً وسخرية واستهزاء. وعبر مناهج التعليم تحريفاً وتغييراً وطمساً للحقائق، وتشويها للتأريخ الإسلامي وإبرازاً للفتن، وإثارة للنعرات الجاهلية، وإحياء للشعوبية والعامية، وإحداثاً للتبعية للغرب وإكباره والترهيب من سطوته وإبراز الحضارة الغربية بأنها النموذج الذي يجب الاقتداء به. واصمين الدين بالتخلف والرجعية والجمود، ودعاته بالدروشة والإرهاب، لذلك كان لازماً على المرأة المسلمة المعاصرة أن تستبين طرق هؤلاء الأعداء والمرتزقة المسخ من أتباعهم العلمانيين، ومن على شاكلتهم، و تحافظ على تماسك الأسرة ووحدة المجتمع وتبرز محاسن الدين، وتزرع في قلوب الجيل الثقة بعقيدته الإسلامية، وعلمائه الأبرار وأن تكبر لغتها وتأريخها كما قال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}الزخرف43 وليكن نصب عينيك قوله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}البقرة120 حتى تتبع الأمة ملتهم في فصل الدين عن الحياة، وإحلال الوجودية الإباحية محل الحياة الاجتماعية الفاضلة، والنظام الرأسمالي الربوي الانتهازي الذرائعي مكان الاقتصاد الإسلامي العادل، والديمقراطية المتناحرة مكان الشورى الناصحة. أختاه: إن نظرة واحدة في الشعوب التي استجابت للتغريب والغزو الفكري تؤكد ما وصلت إلية تلك الشعوب من تخلف وانحلال وتبعية وفقر وحروب ودمار. حقاً إن الخل يفسد العسل وإن الذئب لا يرى الغنم. من استكان إلى الأشرار نام وفي قميصه منهم صل وثعبان 2. تحرير المرأة. أيها المرأة المسلمة العاصرة إن صح تحرير المرأة في الغرب من نير الاستبداد والهوان ومصادرة الحقوق والدونية، فإنه لا يصح ذلك على وجه الحقيقة، فإنما حرروها من عبودية ليقعوا بها في عبودية أخرى، وفي ذل وهوان آخر مما يتناسب ورغبات الرجل الشهوانية الآن. خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء لئن كانت المرأة في المجتمعات الأخرى بحاجة ماسة لتحريرها الحقيقي فإن المرأة المسلمة المعاصرة تعتقد أن الإسلام حررها بل كرمها منذ خمسة عشر قرناً من الزمان ومن أبرزها مظاهر التحرير والتكريم الآتي: أ‌- أكد الإسلام أنها مخلوقة كالرجل مكرمة مكلفة مسئولة كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}الحجرات13. وقال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}آل عمران195 ب- أفراد القرآن الكريم والسنة المطهرة حيزاً كبيراً لمعالجة شؤون المرأة مما يصلح أن يكون رسائل علمية مستقلة في نواحي عدة من عقيدة وعبادة وسلوك وغير ذلك. ج- أقر الإسلام حقوقها الفطرية واحترم خصوصيتها الجسدية والنفسية وأشبع ضرورياتها وحاجاتها ورغباتها وميولاتها العاطفية الايجابية. د – جعل الإسلام العلاقة بين المرأة والرجل تكاملية عادلة جميلة، وليست تنازعية ظالمة، قبيحة ليؤدي كل واحد منهما الدور القادر علية المناسب لقدراته. هـ - أوجب الإسلام حسن رعايتها، وقوة صيانتها، فأقام جيوشاً جرارة تقاتل لنصرتها عند استغاثتها. و- أمر ببرها والإحسان إليها، وتلمس حاجاتها، فأوجب لها النفقة والسكنى، وحرم عضلها، وحدد ميراثها. إن الصورة التطبيقية المعاشة للمرأة في الإسلام تبرز أن البنات محل شفقة وحنان زائد, وأما الزوجات محل مودة ورحمة فائقة، وأما الأمهات فمحل بر وإحسان لا يعلوه إحسان. بارك الله لها فيما آتاها فضل الله يؤتيه من يشاء. المرأة ودعاة التحرير: إن المرأة المسلمة المعاصرة لتدرك بثاقب نظرها المستقيم دموع التماسيح، والعويل الكاذب على حقوق المرأة في الإسلام، لما ترى من بر الإسلام بها، واحترام المجتمع الإسلامي لكرامتها. إنها أيقنت أن دعوات التحرير هي دعوات إلى كشف المستور، وهتك الفضيلة، ونداء صارخ للإباحية،ومحاربة لشعائر الدين وقوانين العدل، والعادات الحميدة التي أمرها الإسلام. إنه لم يفتها معرفة من وراء الأكمة من العملاء المأجورين للاستخبارات الغربية، الذين مردوا على النفاق والتحلل من الفضائل، فهم لا يشهدون الجمع والجماعات، امتلأت قلوبهم كراهية للدين والمجتمع، يهمزون ويلمزون، وفي جنح الظلام يحيكون المؤامرات بالأمة. إنه زادها يقيناً بسوء دعوتهم، وعاقبة منقلبهم، ما تراه من سخف اللواتي سرن في ركابهم. وكيف جعلوهن أداة يصيدون بها أهل الشهوات وأداة يقتلون بها الحشمة والعفاف. كل ذلك وغيرة جعل المرأة المسلمة المعاصرة تنأ بنفسها وتستعلي بأيمانها. طبيب يداوي الناس وهو علل. 3. العالمية أو العولمة: إن المرأة المسلمة المعاصرة بثاقب فطرتها، وقوة رصدها للأحداث، والجديد في وسائل العدو، وقفت بنفسها على الغول الجديد الداهم على المجتمعات والشعوب. إنها العولمة التي تعني التراكمات البشرية في جميع مناشط الحياة الزاحفة نحو الآخرين. بحيث لا تترك أحداً إلا نالت منه. أيتها المسلمة المعاصرة إن العولمة تكاد تصبح حتمية الزحف من الأقوياء إلى الضعفاء تحقق سيطرتها الثقافية والاجتماعية والسياسية وفي الحقيقة أن طابع العولمة الآن هو أمركة للشعوب المغلوبة. فلم يعد هناك خصوصية ثقافية للدول والشعوب بل فتح الفضاء أمام القنوات الفضائية، والاتصالات التقنية مما سهل صياغة توجهات الشعوب بما يخدم الأمركة غير أن الله لا يقدر الشر المحض فإنه من وسائل العدو يمكن غزوة بها في عقر داره. ولعل من أهم واجبات المرأة المسلمة الآن تجاه العولمة الآتي: 1. الوقوف صفاً واحداً أمام هذا الطوفان الأمريكي الزاحف على المجتمع بعامة والمرأة بخاصة. 2. تحصين المجتمع ضد ثقافة العولمة الغربية بسد العقيدة الصحيحة، وتزكيته بالعبادة الصائبة لله وحدة جل وعلا. 3. المبادرة إلى الدفاع عن الفضيلة وإن تراجع جملة من المناصرين للمرأة من الرجال. 4. الدفع بقوة بالثقافة الإسلامية عقيدة وشريعة وعبادة إلى معاقل الغرب والشرق بكل وسيلة تستطيعها المرأة الآن. 5. الإفادة من إيجابيات العولمة فيما يقره الشرع المطهر فالحكمة ضالة المؤمن. وإني على ثقة تامة أن المرأة المسلمة المعاصرة قادرة على ذلك وزيادة. وختاماً: أختاه أيتها الأمل: الله الله أن يؤتى الإسلام من قبلك، سيري على بركات الله مجاهدة صابرة محتسبة أجرك على مولاك جل وعلا. فما عند الله خير للأبرار، وما النصر إلا من عند الله هذا ولعل الإشارة تغني عن العبارة. واللهَ ربي أسأل أن لا يرينا فيك مكروهاً في الدنيا ولا في الآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اروع ما قيل عن المراة لا أسأل الله تغييرا لما فعلت *** نامت وقد اسهرت عيني عيناها فالليل أطول شيء حين أفقدها *** والليل أقصر شيء حين ألقاها رفقًا بالقوارير ، فإنهن مثل العصافير ، لكل روض ريحان ، وريحان روض الدنيا النسوان ، هن شقائق الرجال ، وأمهات الأجيال ، هن الجنس اللطيف، والنوع الظريف ، يلدن العظماء ، وينجبن العلماء ، ويربين الحلماء ، وينتجن الحكماء ، المرأة عطف ، ولطف وظرف ، سبابها سراب ، وغضبها عتاب ، من وخطه المشيب، فليaس له من ودهنّ نصيب ، لو جعلت لها الكنوز مهرا، وقمت على رأسها بالخدمة شهرا ، ثم رأت منك ذنبا قليلا ، قالت ما رأيت منك جميلا ، القنطار من غيرها دينار ، والدينار منها قنطار ، هي في الدنيا المتاع ، والحسن والإبداع ، وهي للرجل لباس ، وفي الحياة إيناس . وهي الأم الحنون ، صاحبة الشجون ، خير من رثى وبكى ، وأفجع من تألم وشكى، لبنها أصدق طعام ، وحصنها أكرم مقام ، ثديها مورد الحنان ، وحشاها مهبط الإنسان ، في عينها أسرار ، وفي جفنها أخبار ، في رضاعها معاني الجود ، وفي ضمها الود المحمود ، قُبَلاتها لطفلها صلوات القلب ، وبرّ طفلها لها مرضاة الرب ، شبعها أن لا يجوع وليدها ، وجوعها أن لا يشبع وحيدها ، غياب المرأة من الحياة وأْد للسرور، واختفاؤها في مهرجان الدنيا قتل للحبور. هي بيت الحسب والنسب ، وجامعة المثل والأدب ، ذهبٌ بلا امرأة لهب ، وجوهر بلا امرأة خشب ، تقرأ في نظراتها لغة القلوب ، وتعلم الحب من هجرها المحبوب ، وبالمرأة عرف الهجر والوصال ، والاتصال والانفصال ، والغرام والهيام ، والبراءة والاتهام ، تقتل بالنظرات ، وتخطب بالعبرات ، كلامها السحر الحلال ، ولفظها العسل السيَّال ، بسمتها ألذ من العنب والتوت ، وهي أسحر من هاروت وماروت ، وقال نسوة في المدينة ، كل مهجة فهي لنا مَدينة ، وأفضل النسوان ، الحصان الرزان ، ألفاظها أوزان ، وعقلها ميزان ، إذا تحجّبت فشمس في غمام ، وظبي في خزام ، هي رواية تترجمها الأرواح ، وهي مِسْك تذروه الرياح ، في شفتيها ألف قِصَّة ، وفي أعماقها سبعون غصَّة ، ليلى جعلت نهار المجنون ليلاً ، وصيرت عَزَّةُ دموع كثيِّرٍ سيلاً . ليلي وليلـى نفى نومي اختلافـهما *** في الطُّول والطَّول طوبى لي لو اعتدلا يجود بالطُّول ليلـي كلـما بخـلت *** بالطـّول ليـلى وإن جادت به بخـلا على شفتيها المطبقات سؤال ، وفي جفنيها مقال ، أحرف الحب صامتة على محيّاها، وقصائد الغرام حائرة على ريّاها ، حسن الشمس من حسنها ينهار ، والليل من شعرها يغار . من النساء خديجة رمز الأدب ، لها قصر في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ، ومن النساء عائشة بنت الصديق ، صاحبة العلم والإتقان والتحقيق ، المطهرة الطاهرة ، صاحبة السجايا الباهرة ، والمحامد الظاهرة ، ومن النساء فاطمة البتول ، بنت الرسول ، أم السِبْطين ، الحسن والحسين ، سيدة نساء العالمين ، المقبولة عند رب العالمين . ولـو أن النسـاء كمـن عرفنـا *** لفضِّـلت النساء على الرجالِ فما التأنيـث لاسم الشمس عـيبٌ *** ولا التـذكير فخــرٌ للهـلالِ المرأة صحيفة بيضاء ، يكتب فيها الرجل ما يشاء ، من حب وعتاب ، وغضب وسباب ، وهي روضة خضراء ، وحديقة فيحاء ، فيها من كل زوج بهيج ، ومن كل شكل فريج ، أمضى سيوفهن الحب ، يصرعن به ذا اللُّب ، الحازم معهن ضعيف ، والعاقل عندهن سخيف ، ترى الرجل يصارع الأسود ، ويقارع الجنود ، ثم تغلبه امرأة..! وترى الرجل يزهد في الحطام ، ويصوم عن الشراب والطعام ، ثم تصرعه امرأة ، وترى الشجاع يطرح الكماة ، ويهزم الرماة ، وإذا قَصْدُه امرأة . عنترة فُتِن بعبلة ، فرأى بريق السيوف كثغرها فقاتَل ، ورأى سواد الهول كشعرها فنازَل ، حضر جيش فشم طيب العطارة منشم‍‍ ، فيا خسارة من شم ، فصار الجيش بطيبها في هزيمة ، ولأعدائه غنيمة . المرأة ولو أنها في الخصام غير مبين ، فدمعها أفصح شيء عند المحبين، سِرّ قوّتها أنها ضعيفة ، ولغز بأسها أنها لطيفة . يريد الغرب من المرأة أن تتبرج ، وبالفتنة تتبهرج ، وعلى الثلج تتزلج ، ويريد الإسلام منها العفاف والستر ، والتقوى والطهر، لتكون آية في الحسن والقبول والأسر ، يريد أهل الكفر منها أن تكون عالمة فيزياء ، وعارضة أزياء ، ولو فتنت رجالها ، وعقّت أطفالها ، وضيّعت أجيالها ، ويريد الإسلام أن تكون أمينة حصينة ثمينة ، الأمل من عينيها يشرق ، والظمأ في دمعها يغرق ، والسِّحر من بهائها يُسرق ، بكاؤها صرخة احتجاج ، وصمتها علامة الرضا بالزواج ، كان آدم في الجنة بلا أنيس ولا جليس ، فطالت وحشته، وصعبت عليه غربته ، فخلق الله له حواء ، فتم بينهما الصفاء والوفاء، وحسن اللقاء ، وجميل العِشْرة والاحتفاء ، فرجل بلا امرأة كتاب بلا عنوان ، ومُلْك بلا سلطان ، وامرأة بلا رجل صحراء لا نبت فيها ولا شجر ، وروضة لا طلع بها ولا ثمر . شكرًا يا آمنة بنت وهب لقد أهديت للإنسانية ، وقدمت للبشرية ، ابناً تضاءلت في عظمته الشمس في ضحاها ، والقمر إذا تلاها ، ابنا قال للوثنية وهي تعرض تلك العروض، وتفرض تلك الفروض ، والذي نفسي بيده لو وضعتم الشمس في يميني ، والقمر في يساري لن أترك ديني ، حتى يعم القرى والبراري ، ويكفي النساء ، ما أطل صباح وكرّ مساء ، أن محمدًا صلى الله عليه وسلم من امرأة وُلِد ، ومن أنثى وُجِد : بشرى من الغيب ألقت في فم الغار*** وحياً وأفضت إلى الدنيا بأسرارِ بشرى النبوة طافت كالشذى سحرًا *** وأعلـنت في الدنـا ميلاد أنوارِ وشقّت الصمت والأنسـام تحمـلها *** تحت السـكينة من دارٍ إلى دارِ قدَّمت المرأة للعالم الخلفاء الراشدين ، والأبطال المجاهدين، وعباقرة الدنيا والدين ، المرأة إذا حسّنت آدابها ، وطهّرت جلبابها ، ملأت القلب حنانا ، والبيت رضوانا ، والدنيا سكنًا وعرفانا . والبيت بلا امرأة محراب بلا إمام ، وطريق بلا أعلام، إذا اختفت المرأة من الحياة ، اختفت منها القبلات والبسمات ، والنظرات والعبرات . وإذا غابت المرأة من الوجود غاب منه الإخصاب والإنجاب ، والكلمات العذاب ، والعيش المستطاب . في الحديث : (( تزوجوا الودود الولود )) ، والسر في ذلك لتكثر الحشود ، وتزداد الجنود ، وليكاثِر بنا رسولنا صلى الله عليه وسلم يوم الوفود . يوم تخلع المرأة الحجاب ، وتضع الجلباب ، فقد عصت حكم الإسلام ، وخرجت على الاحتشام ، وقُل على العفاف السلام . كيف يُسكن بيت بلا أبواب ، ويُحل قصر بلا حجاب ، ويُشرب ماء ولغت فيه الكلاب، من حق الدرة أن تصان ، ومن واجب الثمرة أن تحفظ في الأكنان ، وكذلك المرأة بيتها أحسن مكان ، ولكن المرأة إذا قلبت ظهر المجن ، وعرّضت نفسها للفتن ، فهي ظالمة في ثوب مظلوم ، عندهن من أصناف المكر علوم . كيد الشيطان ضعيف وكيدهن عظيم ، وقوتهن واهية لكن خطرهن جسيم ، هن صويحبات يوسف ذوات السكاكين ، وقاهرات الرجال المساكين ، حتى قال الرشيد في بعض النشيد : مالـي تطاوعني البـريـة كلهـا *** وأطيعهن وهُـنَّ في عصيـاني فاجعل بينهن وبين الشر لهبا ، واملأ عليهن منافذ الفتنة حرسًا شديداً وشهبا ، فلا تَعرِض اللحم على الباز ، ولا تنشر القماش على البزّاز ، فأنعم بحرز الستر والصيانة ، وأكرم بحجاب العفاف والحصانة . وإذا رزقت بنات ، فإن هن من أعظم الحسنات ، حجاب من النار ، وحرز من غضب الجبار ، فاحتسب النفقة ، فإنها صدقة ، ولو أنه غرفة من مرقة ، وتعاهدهن بالبر والصلة ، فإن رحمتهن للجنة موصلة ، وكفاك أن الرسول المشرِّع ، رزق ببنات أربع . والمرأة هي بطلة الأمومة ، ومنجبة الأمة المرحومة ، فضائلها معلومة ، وهي معدن الحسب والكرم والأرومة. وتعليمها الدين من أشرف خصال الموحدين ، لأنها تصبح لكتاب الله تالية ، ذات أخلاق عالية ، تتفقه في الكتاب والسنة، لأنهما أقرب طريق للجنة . وأما علاَّم الكفر ، الذي أعان المرأة على المكر ، وصرفها عن الذكر والشكر ، فهو المسؤول عن عقوقها وتضييعها لحقوقها ، وإصرارها على معصيتها وفسوقها . جعلوا المرأة سلعة للدعاية والإعلان ، وخطيبة في البرلمان ، تشارك في التجارة ، وتقاتل الجنود الجرارة ، جعلوها جندي شرطة ، فوقعت من الإحراج في ورطة ، تمتطي الدبابة ، وتطارد الكتائب في الغابة ، يُستدَر بهنّ عطف الجبابرة ، وتبرم بهنّ الخطط الماكرة ، ويكفيك في ضلالهم ، وسوء أعمالهم ، أن الهدهد وهو طائر ممتهن ، أنكر على بلقيس حكم اليمن ، وامرأة خلقها الله لمهمة ، كيف يزج بها في أمور مدلهمّة . ونحن الرجال أسندت إدارة الحياة إلينا ، وكتب القتل والقتال علينا ، وأما النساء في الإسلام فمقصورات في الخيام ، محفوظات من اللئام ، مصونات عن الآثام . وماذا فعل بالمرأة سقراط وبقراط وديمقراط ، أهل الأوهام والأغلاط ، جعلوها شيطانة ، وسموها الفتانة ، وإنما هي في بعض الأوقات قهرمانه ، وريحانة . أما الفُرْس ، البكم الخُرْس ، فجعلوها خادمة للمال والنفس ، بل قال بزر جمهور: المرأة ليست بإنسانة فلا تمول ولا تمهر ، وهذا غاية التهور . أما أهل الوثنية ، ودعاة الجاهلية ، فحرموها من الميراث، حتى جعلوها أرخص من الأثاث ، ووأدوا البنات ، وقتلوا الأخوات ، وعقّوا الأمهات ، وليس لها عندهم قيمة ، فهي في منزلة البهيمة ، فهي عندهم حق مشاع ، للخدمة والمتاع . أما الغرب فهي عندهم للمغريات ورقة رابحة ، أبرزوها في صور فاضحة ، أخرجوها بلا أدب ولا دين ، وعرضوا صورتها في الميادين ، باعوها في سوق النخاسة ، ووظفوها للرجس والخساسة ، وأقحموها مغارات السياسة . وما كَرَّم النساء ، مثل صاحب الشريعة السمحاء ، والملة الغراء ، فقد بيّن بقوله ، (( خيركم خيركم لأهله )) ، ويا معاشر الأمم هل عندكم ، حديث (( الله الله في النساء فإنهن عوان عندكم )) . وكان في بيته صلى الله عليه وسلم أفضل الأزواج ، دائم السرور والابتهاج ، يملأ البيت أنسًا ومزاحا ، وبشرا وأفراحا ، طيّب الشذى ، عديم الأذى ، لطيف المحشر ، جميل المظهر ، طيب المخبر ، لا يعاتب ولا يغاضب ، ولا يطالب ولا يضارب ، يؤثر الصفح على العتاب ، والحلم على السباب . ومن حبه للبنات ، وعطْفِه على الضعيفات ، يحمل أُمامة ، وهو في الإمامة ، فإذا سجد وضعها ، وإذا قام رفعها ، وكان يقوم لفاطمة الزهراء ، والدرة الغراء ، ويجلسها مكانه ، ويطأ لها أركانه ، فكأن سرور الحياة صب عليها ، وكأن الدنيا وضعت بين يديها . هي بنـت مَـنْ هـي أم مَـنْ *** من ذا يساوي في الأنام علاهـا أمـا أبوهـا فهو أشرف مرسلٍ *** جبريل بالتوحيـد قد ربـّاهـا وعليُّ زوجٌ لا تسلْ عنه سـوى *** سيـفٌ غدا بيـمينـه تيَّـاها وكان يجلس صلى الله عليه وسلم للنساء من أيامه ، فيفيض عليهن من بره وإكرامه، وجوده وإنعامه ، فكأنه الغيث أصاب أرضًا قاحلة ، والماء غمر تربة ماحلة، فإذا هو يملأ القلوب حبّا ، والنفوس أنساً وقُربا ، يبشر من مات لها ولد بالنعيم المقيم ، فتتمنى كل امرأة أنها ذهب لها فطيم ، لِما سمعت من الأجر العظيم . ويُخبر من تطيع بعلها ، وتُحسِن فِعْلها ، بأن الجنة مأواها ، والفردوس مثواها ، يقف مع المرأة الشاكية ، ويتفجع للأنثى الباكية ، فلو كانت الرحمة في هيكل لكانت في مثاله ، ولو الرفق في صورة لكان في سرباله ، تأتيه المرأة المصابة في خوف وهول ، وفي دهش وذهول ، فما هو إلا أن ترى إشراق جبينه ، ويُسْر دينه ، ولطفه المتناهي ، وخلقه الباهي، حتى تعود عامرة الفؤاد ، حسنة الفأل والاعتقاد . الشيخ عائض بن عبدالله القرني

قالوا وقال الاسلام عن المراة


سلام عليكم اعرفي ماذا قالو عن صفحات من العار 1- عند الإغريقين قالوا عنها :- شجرة مسمومة ، وقالوا هي رجس من عمل الشيطان ، وتباع كأي سلعة متاع 2- وعند الرومان قالوا عنها :- ليس لها روح ، وكان من صور عذابها أن يصبعليها الزيت الحار ، وتسحب بالخيول حتى الموت 3- وعند الصينين قالوا عنها :- مياه مؤلمة تغسل السعادة ، ولصيني الحق أن يدفن زوجته حية ، وإذا مات حُق لأهله أن يرثوه فيها 4- وعند الهنود قالوا عنها :- ليس الموت ، والجحيم ، والسم ، والأفاعي ، والنار ، أسوأ من ، بل وليس للمرأة الحق عند الهنود أن تعيش بعد مات زوجها ، بل يجب أن تحرق معه 5- وعند الفرس :- أباحوا الزواج من المحرمات دون استثناء ، ويجوز للفارسي أن يحكم على زوجته بالموت 6- وعند اليهود :- قالوا عنها : لعنة لأنها سبب الغواية ، ونجسة في حال حيضها ، ويجوز لأبيها بيعها 7- وعند النصارى :- عقد الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل تعد إنساناً أمغير إنسان؟ ! وهل لها روح أم ليست لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روحيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً" قروا أنَّها إنسان ، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب". وأصدر البرلمان الإنجليزي قراراً في عصر هنري الثامن ملك إنجلترا يحظر على أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) أي الإنجيل(المحرف)؛ لأنَّها تعتبرنجسة وعند ولادة تقول الكنيسة دعهن يتألمن وهيا نساعد الرب فى الانتقام منهن 8- وعند العرب قبل الإسلام : - تبغض بغض الموت ، بل يؤدي الحال إلى وأدها أي دفنها حية أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب الميتة بعد كل هذهالاهانات وصفحات العار جاء الاسلام المحرر الحقيقى للمرأة ( الله اكبر ) جاءت رحمة الله المهداة إلى البشرية جمعاء بصفات غيرت وجهالتاريخ القبيح ، لتخلق حياة لم تعهدها البشرية في حضاراتها أبداً ( جاء الإسلام ليقول ) (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف )) جاء الإسلام ليقول ((ٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) جاء الإسلام ليقول (( فَلا تَعْضُلوهُنَّ )) جاء الإسلام ليقول (( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِقَدَرُهُ)) جاء الإسلام ليقول (( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْمِنْ وُجْدِكُمْ )) جاء الإسلام ليقول (( وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ )) جاءالإسلام ليقول (( فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَة )) جاء الإسلام ليقول ((وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ )) جاء الإسلام ليقول (( وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ )) جاء الإسلام ليقول (( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ الَّهِ الَّذِي آتَاكُم )) جاء الإسلام ليقول (( وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ )) جاء الإسلام ليقول (( هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ )) جاء الإسلام ليقول (( فَلاتَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً )) جاء الإسلام ليقول (( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً )) جاء الإسلام ليقول (( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِمَا آتَيْتُمُوهُن )) جاء الإسلام ليقول ((ِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْتَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ )) وجاء الرسول الكريم ليبين لنا مكانة وكان يؤتى صلى الله عليه وآله وسلم بالهدية ، فيقول : " اذهبوا بها على فلانة ،فإنها كانت صديقة لخديجة " وهو القائل: (( استوصوابالنساءخي راً )) وهو القائل ( لا يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا رضى منها آخر )) وهو القائل : (( إنما النساء شقائق الرجال )) وهو القائل : (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) وهو القائل ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )) وهو القائل ( أعظمها أجرا الدينار الذي تنفقه على أهلك )) وهو القائل: (( من سعادة بن آدم الصالحة )) وهو القائل : (( وإنك مهما أنفقتمن نفقة فإنها صدقة حتى القمة التي ترفعها إلى في امرأتك )) فأين انتن ايتها المسلمات بعد كل هذا التكريم لكن من الله عز وجل فليس هناك اعظم من هذه النعمه علينا نحن النساء ولو لم نجد من الله عزوجل الا الستر وحفظ الكرامه فهي اعظم نعمه على وجه الارض تشكر النساء عليها الخالق عز وجل وليس عليها الا ان تصون نفسها فقط

مَهْما يقولوا لن يُثِير لبابها فهي الحُصونُ منيعَةٌ أبوابُها نَصَبُوا شِباك الغيّ في طرُقاتِها بالمال والأضْواءِ نحو اجتذابها سلكوا لها سُبُلَ الغواية والخنا وتفننوا في عطرها وثيابِها بشعار تحرير النساء أتوْا لها ومُرادهم عنها يزولُ حِجابها وتحطمتْ من دونها آمالهم خسئوا وربّي لنْ يُداسَ جنابُها عاشتْ وتبقَى حُـرّة أبـيّـة بالدين والذكر الحكيم كتابُها وتطاولتْ نحو السحاب بعلمها في الطبّ والتعليم كَان جوابها تبقى وتبقى حُـرّة عـربـيـة في دينها .. في علمها .. وحجابها & & & & & & & & & &

المراة المسلمة شعر


عُـودِي لِـرُشْــدِكِ وَارْجِعِـي لِهُــدَاكِ وَكَفَــاكِ سَعْيـاً فِـي الضَّــلالِ كَفَـاكِ حَتَّـى مَتَــى تَلِجِيـنَ أبْــوَابَ الـرَّدَى وإلى المَهالـِــكِ تُسْرِعِيــنَ خُطَــاكِ حَارَبْتِ كُـــلَّ فَضِيلَــةٍ وَنَبَــذْتِهَـا نَبْـــذَ النَّوَاةِ فَأيْـــنَ مِنْكِ نُهَــاكِ ؟ وَسَلَكْتِ مُعْــوَجَّ المَسَـالِكِ جَهْـــرَةً مَنْ ذَا عَنِ النَّهْجِ الْقَوِيــمِ نَهَـــاكِ ؟ وأراكِ جَـــاوَزْتِ الْحُـدُودَ مَجَانَــةً وَوَضَعْــتِ قَــدْرَكِ إذْ أطَعْتِ هَـوَاكِ أعْرَضْتِ عَنْ دَاعِي الْهُدَى وَأجَبْتِ مَـنْ لِلْفِسْـــقِ وَالْعِصْيَـــــانِ قَــــدْ نَــــــادَاكِ حُـرِّيَّةُ الْغَــــــــرْبِ الْخَلِيـــــــعِ بَرِيقُهَـــا عَـنْ كُـلِّ مَعْنًى فَاضِـــلٍ أعْمَـــــــــــــاكِ فَحَسِـبْــتِ ألوانَ الْمُـجُـونِ حَضَـارَةً وَمَشَيْتِ طَائعَـــــــةً على الأشْـــوَاكِ وَسَعَيْـتِ في وَادِي الْفَسَـــادِ طَلِيقَـــــةً وَتَبِعْتِ كــلَّ مُخَـــــــــــادِعٍ أفَّــــــــاكِ وَغَـدَوْتِ مَسْخـاً لِلطَّبِيعَـةِ شَائِهـاً يَرْثِـي لِحَــالِكِ كُـلُّ مَنْ يَلْقَـــــــاكِ ماذا مِـــنَ الإسْلامِ قَدْ أنْكَرْتِــــــهِ وَهُـوَ الذي لِلْمَكْرُمَــاتِ دَعَــاكِ ؟ أوْصَـى بِـكِ الإسْلامُ خَيْـرًا فَاحْمَدِي لِلــدِّينِ مـَا أوْصَـى ، وَمَــا أوْلاكِ أعْلاكِ قَدْراً فِـــي الْوَرَى وَمَكَانَـةً وَعَصَيْتِهِ فَهَوَيْتِ مِـــنْ عَلْيَــــاكِ مَـا كُنْتِ مِنْ سَقَطِ الْمَتَــاعِ ولا أحَـ ـلَّ الدِّينُ بَيْعَــكِ سِلْعَةً وَشِـــرَاكِ بَلْ ذَادَ عَنْكِ وَصَــدَّ كُلَّ مُدَاهِـــنٍ يَسْعَى لِنَصْبِ مَصَـــايِدٍ وَشِــرَاكِ لا عَيْــبَ في الإسْــلامِ إلا أنَّــهُ حِصْــنٌ غَـدَا في ظِلِّـهِ مَنْجَــاكِ ديـنٌ لَعَمْـرُ الْحَـقِّ فِيهِ لَـكِ الْهُـدَى يا وَيْــحَ غِـرٍّ عَـنْ هُـدَاهُ لَــوَاكِ فيه التَّـصَوُّنُ ، والعفـافُ ، ولا أرَى إلا التَّصَـوُّنَ ، والعفـــــافَ حُـــــلاكِ مَا لِي أرَاكِ خَلَعْتِ عَنْــــكِ رِدَاءَهُ فَغَـدَوْتِ وَالْعُــرْيُ القبيـحُ رِدَاكِ ؟ البيتُ أنـــتِ عِمَـادُهُ فَتَرَفَّقِـــي بِالْبَيْتِ لا تَطْغَى عَلَيْـــهِ يَـــدَاكِ لَكِ فِي نَوَاحِيــهِ شُئُونٌ جَمَّـــةٌ لا تَتْرُكِيهِ يَعِيــثُ فيــهِ سِــوَاكِ عُودِي إلَيْهِ فَأنْتِ أنْـــتِ سِرَاجُـهُ كَمْ بَاتَ مِــنْ هِجْرَانِـهِ يَنْعَـــاكِ لَوْلاكِ مَا انْحَلَّتْ عُـرَاهُ ولا وَهَـتْ أرْكَانُـــــــهُ ، وَتَحَطَّمَـــتْ لَــــــوْلاكِ والزَّوْجُ مَا لَكِ قَدْ حَقَــرْتِ مَقَامَــهُ مَـنْ ذَا الذي بِحُقُوقِـــهِ أغْـرَاكِ ؟ لِلزَّوْجِ أنْتِ فَسَـــارِعِي لِرِضَائِــهِ إنْ أنتِ رَاعَيْتِ الْحُقُـــوقَ رَعَــاكِ وإذا نَشَزْتِ وَمِلْتِ عَـــنْ نَهْجِ الْهُدَى فَعُــــرَاكُـمَا قَــدْ آذَنَـــتْ بِفِكَـــــاكِ والطِّفْلُ مَــنْ لِلطِّفلِ غَيْـرُكِ ؟ نَشِّئِيـ ـهِ عَلَى الْمَكَــارِمِ ، وَارْفُقِي بِفَتَــــاكِ قُـودِي إلى سُبُلِ الْفَضِيلَــةِ خَطْــوَهُ فَسَيَهْتَـــدِي فِـــي سَيْرِهِ بِخُطَـاكِ وَاسْقِيــهِ حُـبَّ الـدِّينِ وَالْوَطَـنِ الذي غَـــــذَّاهُ مِـنْ خَيْـــرَاتِــهِ وَغَـــــذَاكِ حَتَّى يَشِـبَّ عَلَى الْفَضَـائِــلِ وَالْعُلا يَحْمِي حِمَــاهُ مِــنَ الرَّدَى وَحِمَـاكِ لِلْبِنْـِت كُـونِــي خَيْــرَ أمٍّ إنَّهَــا حَتْمــــاً تُقَلِّــدُ أمَّـهَا وَتُحَاكِــي مِرْآتُـها في النـاسِ أنْــتِ وَسَعْيُهَـا رَهْنٌ بِمَــــا تَسْعَى لَـهُ قَدَمَــاكِ فَـإذَا غَوَيْتِ فَأَمْرُهَـــا لِغِوَايَـــــةٍ وإذا اهْتَدَيْـــتِ اسْتَرْشَـدَتْ بِهُدَاكِ وَإذَا صَـلُحْتِ فَفِيـــكِ مَبْعَثُ أمَّـةٍ وَنَجَاتُهَــــــا مِنْ فِتْنَــةِ وَهَــــلاكِ لَكِ فِي رِحَــابِ الدِّينِ أكْرَمُ عِصْمَةٍ فَتَفَيَّئِـي فيهـــــا ظِــلالَ هُــدَاكِ وَاحْيَـيْ حَيَـاةَ الطُّهْـرِ ، لا تِلْكَ التي فيهـــــا صَبَاحُـــكِ عَابِثٌ وَمَسَــاكِ هَذَا الْجَمَالُ الْحَقُّ ، لا مَـا قَـدْ بَــدَا فِي قُبْـحِ عُرْيِكِ ، أو بَرِيقِ طِــلاكِ لَيْسَ الْجَمَالُ صِبَاغَــةً وَصِنَاعَــةً هُـــوَ صِبْغَةُ اللهِ الــذي سَـوَّاكِ فَتَطَلَّبِـي عِـــزَّ الحياةِ وَمَجْدَهَـا وَجَمَالَهـــــا فِيمَــــــا إليــهِ دَعَـاكِ وَتَنَسَّمِـي عَبَـقَ الْفَضِيلَـةِ طَيِّبـاً يُـزْرِي بِعِطْـرِكِ طِيبُـهَا وَشَذَاكِ وَخُـذِي الْحَيَـاءَ رَفِيـقَ أمْرِكِ كُلِّهِ إنَّ الحيـاءَ أرَاهُ خَيْــرَ مِــلاكِ لَبِّـي نِدَاءَ الدِّيــنِ وَاجْتَنِبِي الرَّدَى وَكَفَاكِ مَــا عَانَيْتِ مِنْ مَسْعَــاكِ هـذا هُـدَى الإسْـلامِ دَوَّى صَوْتُهُ عُـودِي لِرُشْــدِكِ وَارْجِعِي لِهُـدَاكِ

المرأة بين التعاليم الإسلامية والواقع المعاصر التاريخ: 12/11/2012 الكاتب: فارانيا رانكوتي مجال البحث: الأخلاق الإسلامية والتعليم المواضيع: "التعليم" لقد جاء الإسلام بالعديد من الإصلاحات الاجتماعية والإنسانية، ونجح النبي محمد في إحداث مجموعة من التغييرات الإيجابية التي كانت آنذاك تغييرات جذرية. وقد شملت هذه التغييرات قضايا المرأة والنوع الاجتماعي. ويُجمع المؤرخون على أن حقوق المرأة شهدت نقلة نوعية في عهد النبي محمد. فإن العرب قبل الإسلام تعاملوا مع المرأة كما لو كانت ملكية خاصة للأزواج يمكن توارثها. فجاء الإسلام ليبطل هذا الاعتقاد ويؤكد على أن الرجال والنساء بعضهم أولياء بعض . ومنح الإسلام للمرأة حقوقاً عدة من بينها الرفق والعدالة في المعاملة، وحق الملكية، وحق التعليم، وحق الميراث، والحق في الطلاق، وحضانة الأبناء، وحق العمل. وقد مارست المرأة العديد من الأدوار، فقد وجدنا من بين زوجات النبي، وبناته، وبين نساء المسلمين في عهده ومن بعده من تسهم في نواحٍ متعددة وأدوار عديدة في المجتمع: سواء في دور الأم أو الفقيهة أو سيدة الأعمال أو المحامية أو من تعمل في دباغة الجلود، وكذلك وجدنا من تلعب دوراً سياسياً أو تمنح حق اللجوء السياسي، ومن تشرف على السوق، وغيرها من الأدوار. وإذا نظرنا إلى الإسلام ممثلاً في كلام النبي وأفعاله، نجد التأكيد على حماية حقوق المرأة، وتمكينها والحرص على تقدمها وتحقيق العدالة لها. لقد كان النبي "شخصية مناصرة لحقوق المرأة" . لكن للأسف إذا نظرنا إلى واقعنا اليوم في العديد من أنحاء العالم، بما في ذلك العالم الإسلامي، نجد المرأة تعاني من الظلم والتمييز الممنهج والعنف الموجّه وحرمانها من حقوقها الأساسية. ويُستخدم الإسلام في العديد من المجتمعات الإسلامية كمبرر وذريعة لدعم أشياء هي في حقيقة الأمر مناقضة تماماً لرسالة الإسلام الحقيقية. فقد حظر الإسلام على سبيل المثال وأد الإناث منذ ما يزيد على ألف عام، ورغم ذلك لا يزال يمارس في العديد من المجتمعات الإسلامية. ولا تزال المرأة في العديد من الأماكن محرومة من حقها في التعليم رغم التأكيد النبوي على أهمية طلب العلم كما جاء في الحديث الشريف "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ". للأسف يبدو أن روح الإصلاح التي بثها النبي محمد قد توقفت الآن، بل انتكست في العديد من الأحوال، وإلا فلمَ تغفل العديد من المجتمعات المسلمة في أيامنا هذه تعاليم النبي التي تحث على صيانة حقوق المرأة ومعاملتها بالعدل والإحسان؟ ألم يأن الأوان لنا جميعاً أن نحيي هذه السنة؟ كيف نجعل الإسلام والمجتمعات المسلمة تسهم في تحسين وضع المرأة والتخفيف من معاناتها؟ ما الذي يمكننا فعله أسوة بالنبي محمد لتحسين أحوال المرأة؟ سوف يحاول الجزء التالي تسليط الضوء على أبرز القضايا التي نواجهها في هذا الصدد. منزلة المرأة في الإسلام إن العديد من المشكلات الرئيسية في هذا المقام تعود بجذورها إلى قضية أساسية هي منزلة المرأة، وهل المرأة مخلوق ناقص بالفطرة وفي مرتبة اجتماعية أقل من الرجال؟ على الرغم من أن هذا التصور موجود في الأدبيات الإسلامية المعاصرة والتراثية، إلا أنه قد سبق مجيء الإسلام بكثير فقد ظهر في الفلسفة اليونانية القديمة . وتؤكد العديد من الآيات القرآنية على أن "الرجال والنساء متساوون في الخلق، فهم صنعة الخالق الرحيم العدل، ولا تتحقق سعادتهم إلا بالعيش معاً في تناغم وصلاح" . ومع ذلك تختلف آراء العلماء، وهناك آراء يمكن إساءة استغلالها لتبرير مفهوم النقصان الفطري. من بين هذه الآراء على سبيل المثال، رأي يقول صاحبه أن "الرجل أفضل بفطرته من المرأة، وهو قوّام عليها بما ينفقه " وأن "النساء ناقصات عقل ". ويرى بعض العلماء أن نظرة العديد من المجتمعات المسلمة إلى المرأة باعتبارها كائناً دونياً أقل من الرجال هي نتاج التفسير الذكوري للقرآن. وفي بعض الأحيان، يُساء فهم الأحاديث النبوية ويساء استخدامها لتبرير الظلم الواقع على النساء. ولا بد من إجراء بحوث متعمقة للوصول إلى فهم صحيح لتلك الأحاديث. على سبيل المثال، درس الدكتور جاسر عودة (عام 2010) العلاقة بين القرآن والسنة من زاوية استخدام النصوص العامة والقطعية في القرآن لنقد متن بعض الروايات الحديثية. وتوضح دراسته أن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر قدمت لنا مثالاً واضحاً على استخدام هذه الطريقة. فقد ردّت السيدة عائشة بعض روايات الصحابة رغم صحة سندها بمعايير الإسناد التي تأسست فيما بعد. وقد استندت في ردها لتلك الروايات على تعارضها مع قطعيات القرآن وعمومياته التي توضح أصول الإسلام العامة ومقاصد الشريعة. ويثبت عودة في دراسته أن الطريقة التي اتبعتها أم المؤمنين عائشة تتفق مع طريقة تحقيق المتن التراثية، وأننا بحاجة إلى هذا المنهج في مشروعات التجديد في الفقه الإسلامي لتحقيق الانسجام اللازم والاتساق بين الفروع وأصولها المتمثلة في العدل والرحمة والحكمة والمصلحة العامة. العدالة والمساواة بين الجنسين وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2011) فإن الدول ذات معدلات التنمية المنخفضة تغيب فيها المساواة بشكل واضح في العديد من النواحي وبالتالي تعاني من خسائر كبيرة في مجال التنمية البشرية. ومن الأهمية بمكان أن ننوه إلى أن هذه الدول التي تعاني من غياب المساواة بين الجنسين، تعاني أيضاً من غياب العدالة في التوزيع الإنمائي، والعكس صحيح. وقد كشف تقرير مؤشر النوع الاجتماعي والمؤسسات الاجتماعية أن هناك إجماع عام يرى أن المساواة بين الجنسين أمر ضروري لتحقيق التنمية وتعزيز النمو وخفض مستوى الفقر. وقد اكتسبت المؤسسات الاجتماعية التمييزية – الأعراف والممارسات الاجتماعية والقوانين الرسمية وغير الرسمية – أهمية كبيرة بوصفها إطار عمل تحليلي مفيد لتحديد مسببات التمييز النوعي وعدم المساواة بين الجنسين وما يسفر عنه ذلك من نتائج تنموية بوجه عام. وبالنسبة للمجتمعات الإسلامية على وجه الخصوص، فيرى رفعت حسن أن الفجوة بين خطاب المساواة والواقع الفعلي الذي يشهد غياب تلك المساواة تعاني منها معظم المجتمعات الإسلامية، وأن معظم المسلمين يبررون مظاهر عدم المساواة بأنها أمر متأصل في الدين الإسلامي ويقبلون هذا التبرير على أنه حقيقة لا مراء فيها . وترى عديلة أبو شرف (2003) أن مفهوم العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين يتناول تحليل علاقات النوع الاجتماعي في بيئة سياسية، واقتصادية اجتماعية، وبيئة قانونية، ومؤسسية. كما تؤكد أبو شرف على أن المؤسسات الاجتماعية - القوانين والأعراف والتقاليد والقواعد السلوكية – تمثل أهم عامل في تحديد حرية اختيار المرأة في الأنشطة الاقتصادية. ولمعالجة انعدام المساواة بين الجنسين على نحو فعال، لا بد أن نعالج هياكل العمل المؤسسية. وترى عديلة أبو شرف أن التحدي البحثي في مسألة النوع الاجتماعي والمساواة يكمن في بحث تعقيدات الثقافة المحلية قي سياق زماني ومكاني للعلاقات الاجتماعية والتعامل القانوني ممثلاً في حقوق المواطنة. وترى عديلة أبو شرف في دراستها أن المؤسسات الدينية الإسلامية هي إحدى الهياكل المؤسسية التقليدية الفعّالة. وتقتضي هذه الفعالية وجود مجال للإصلاح والتغيير الإيجابي. وتعد الثقافة هي الأخرى مظهراً بالغ الأهمية بالإضافة إلى الدين، وهناك العديد من الممارسات الثقافية المنتقدة نظراً لأنها مجحفة في حق المرأة وللأسف يُنظر إليها على أنها ممارسات إسلامية . ويتناول عدد لا بأس به من علماء المسلمين مفهوم المساواة بين الجنسين في إطار من الفكر الهرمنيوطيقي. فعلى سبيل المثال يرى الطاهر الحداد أن القرآن يحث على التنمية والتغيير وفق ظروف الإنسان المتغيرة وتماشياً مع طبيعة هذه الظروف وأوضاعه الاجتماعية. ويرى أن من بين القيم الإسلامية الأساسية: التوحيد ومكارم الأخلاق وإرساء مبدأ العدالة والمساواة. وفيما يتعلق بحقوق المرأة، فإن النصوص القرآنية تمثل انتقالة نوعية متطورة في اتجاه مزيد من المساواة والحقوق المتماثلة. لكن هذه النصوص ليست غاية ومنتهى في حد ذاتها، فعلى سبيل المثال، وفقاً لرؤيته، فإن الأوضاع الاجتماعية في عصر ما قبل الإسلام، كتعدد الزوجات والرّق، لم تكن إسلامية في الأساس، وإذا طبقنا الاستراتيجية القرآنية على هذه الحال، فإن هذه الأوضاع الاجتماعية عرضة للتغير. ومع ذلك فإن التعامل مع هذه المفاهيم والمصطلحات يتطلب الحرص والحذر. وترى بروزان يورجنسن "Pruzan-Jørgensen" (2012) أن النشطاء في مجال حقوق المرأة المسلمة يتحفظون على استخدام مفاهيم مثل "المساواة" (كمقابل "للعدالة" أو "التكامل") ومفهوم "النسوية"، "والنوع الاجتماعي" لأن هذه المفاهيم تحمل دلالات سلبية، تتعلق بالاستعمار الثقافي والتدخل الاستعماري الحديث، بما في ذلك من تهديدات للإسلام والتقاليد والأعراف. وقد لاحظ بعض العلماء هذه الظاهرة أيضاً. فعلى سبيل المثال، تحلل ليف تونسن "Tønnessen" (2011) مجموعة من مواقف الإسلاميات السودانيات لتخرج بنتيجة ترى أنه في الوقت الذي ترفض فيه الإسلاميات اتفاقية السيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) ومفهوم الغرب للمساواة بين الجنسين، إلا أنهن يدعمن القضايا التي من شأنها تمكين المرأة في الدولة السودانية والمجتمع السوداني. وتبرز تلك الدراسات وزن المصطلحات والتعبيرات ومدى أهميتها. التعليم بات التعليم الرسمي أمراً لا غنى عنه في عالمنا المعاصر، والأفراد الذين لا حظ لهم من التعليم الأساسي هم أفراد محرومون، ومن الممكن أن يكون لهذا الحرمان تبعات خطيرة تؤثر على رفاهيتهم ومستوى معيشتهم. وتواجه المرأة المسلمة المعاصرة صعوبات جمة في الحصول على حقها في التعليم، ولكن تتفاوت درجة الصعوبة من مكان لآخر. وقد نقل إسبوسيتو وداليا مجاهد (2007) "بيانات تمثيلية موضوعية على الصعيد المحلي" تظهر تنوع النسبة المئوية للنساء الحاصلات على تعليم عال بعد المرحلة الثانوية؛ وجاءت النسبة المئوية مرتفعة في إيران بواقع (52%) وفي مصر (34%) وفي السعودية (32%) وفي لبنان (37%) لكنها كانت منخفضة في المغرب بواقع (8%) وباكستان (13%). وفيما يتعلق بنسبة النساء اللاتي لم يحصلن على حظ من التعليم الأساسي، تسوء النسبة في المناطق الفقيرة مثل أفغانستان حيث تُجبر المرأة على الزواج في سن مبكر وتُحرم من التعليم، وقد تم إحراق العديد من مدارس الفتيات، وتعرضت بعض الفتيات للتسمم ودفعن حياتهن ثمناً لتجرأهن على الذهاب إلى المدرسة . ونتيجة لذلك، تبلغ نسبة الأمية بين الأفغانيات 87%، بينما تتمكن 30% فقط منهن من ممارسة حقهن في التعليم . وترى مبادرة المرأة المسلمة للروحانية والمساواة (WISE) أن من أهم التحديات الأساسية التي تواجهها المرأة المسلمة في مجال التعليم هو التفسير الذكوري لمعنى القوامة. فعلى الرغم من أن القرآن ينص على أن الرجال والنساء بعضهم أولياء بعض، إلا أنه قد تم استخدام القوامة ذريعة لتقييد الفرص التعليمية المتاحة للمرأة . ولا تقتصر التحديات التي تواجه المرأة في مجال التعليم على المجتمعات الإسلامية، وإنما توجد في المجتمعات الأخرى أيضاً. ومع هذا فإن من بين النماذج التي تمت دراستها ما يؤكد على أن الأثر الإيجابي لتحسين المستوى التعليمي لدى الإناث لا يمتد إلى الطالبة فقط وإنما يمتد إلى أسرتها ومجتمعها بل والأمة بأسرها. وترى باربرا هيرتس وجين سبيرلنج (2004) أن تعليم كلا الجنسين يزيد من معدل الإنتاجية ويدعم نمو الاقتصاد القومي، وفي الوقت نفسه فإن تعليم الإناث قد يؤدي إلى رفع مستوى الدخل بشكل أكبر . على سبيل المثال، إذا حظيت النساء المزارعات في كينيا بنفس مستوى التعليم مثلهن مثل المزارعين من الرجال، فمن الممكن أن ترتفع عائدات المحاصيل بنسبة 22 في المائة . كما أن تعليم النساء من شأنه أن يحافظ على حياة الأطفال ويضمن وجود أسر أكثر تمتعاً بالصحة. وفي أفريقيا نجد أن الأطفال الذين حظيت أمهاتهم بتعليم أساسي لمدة خمس سنوات أكثر حظاً في أن يعيشوا لما بعد سن الخامسة بنسبة 40% . وإذا حظيت المرأة بسنة أخرى من التعليم، فمن الممكن أن تقل نسبة الوفيات بين الأطفال بواقع 5 إلى 10 في المائة. هذا النموذج الواضح قد تكرر بشكل كبير في قواعد البيانات المقارنة وفي الإحصائيات المتكررة . وأظهرت الأدلة أن المرأة تنفق مزيداً من دخلها على أسرتها بشكل يفوق ما ينفقه الرجل. فعلى سبيل المثال نجد في البرازيل أن الموارد الخاصة بالنساء لها من الأثر على صحة الأطفال ما يفوق موارد الرجال بواقع 20 مرة . الاقتصاد على الرغم من أن النساء ينتجن من 75 إلى 90 في المائة من المحاصيل الغذائية في العالم، إلا أنهن لازلن يعانين بشكل كبير، مما يؤدي إلى الحالة التي يطلق عليها علماء الاجتماع "تأنيث الفقر" حيث نجد من بين كل ثلاثة فقراء بالغين امرأتين (روبينز، 1999). وقد أجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بحثاً عام 1995 وجد فيه أن النساء يقمن بأكثر من ثلثي العمل الذي يتم على المستوى العالمي أي بما يعادل 50 في المائة من إجمالي الناتج العالمي، ومع هذا يحصلن على نسبة 10 في المائة فقط من الدخل العالمي، ويملكن نسبة واحد في المائة فقط من وسائل الإنتاج . وبالتالي فإن النساء يمثلن 70 في المائة من فقراء العالم . وعلى الرغم من أن الإسلام يقر حقوق المرأة الاقتصادية وحقها في التملك وتكوين الثروة، فإن الواقع على الأرض خلاف ذلك . فقد حُرمت العديد من النساء من حقهن في التملك، وحقهن في الميراث، وغيرها من الحقوق الاقتصادية والمالية. وبوجه عام فإن النساء معرضات للفقر والجوع أكثر من الرجال بسبب التمييز المنهجي الذي يمارس ضدهن في التعليم والرعاية الصحية والعمل وحق التملك . وللأسف فإن كون المرأة فقيرة له تبعات أخرى سلبية منها ضعف الحماية التي تحظى بها المرأة ضد ارتكاب العنف بحقها. العنف والصحة يعد العنف ضد المرأة أحد المشكلات الكبرى. كما أن الإجهاض الانتقائي بسبب جنس الجنين، ووأد الإناث، والعنف المنزلي، والاغتصاب، وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وقتل الشرف، جميعها مشكلات منتشرة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، وإن كانت لا تقتصر على تلك المجتمعات. وهناك ظاهرة أخرى تتمثل في الانحياز للذكور والحرص على عدم إنجاب الإناث وهو أمر يؤدي إلى القتل العمد للأجنة الإناث قبل أن يولدن. وقد قدّر أحد الأبحاث التي أجريت في هذا الصدد أن عدد حالات النساء المفقودات قد تجاوز 100 مليون أنثى من إجمالي عدد السكان المتوقع في العديد من بلدان العالم بسبب الإجهاض الانتقائي (كالسن ووينك، 2003) . ويحاول مؤشر السلامة الجسدية المقيدة الخاص بمؤشر النوع الاجتماعي قياس مدى وجود حماية قانونية للمرأة ضد العنف مثل الاغتصاب والعنف المنزلي والتحرش الجنسي، وقياس السلوكيات التي تميل إلى العنف الأسري ومدى انتشار هذا النوع من العنف، ونسبة النساء اللاتي تعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية. واستناداً إلى هذا المؤشر، فإن الأوضاع للأسف سيئة في البلدان الإسلامية. ولم تحتل دولة ذات أغلبية مسلمة أي ترتيب ضمن أفضل عشرة بلدان، بل إن العديد من الدول الإسلامية جاءت في الترتيب المتوسط إلى الأسوأ. ولا يقتصر الأمر على إحصائيات هذا المؤشر، بل هناك على سبيل المثال تقرير للمنظمة العالمية المناهضة للتعذيب توصل في عام 2002 إلى أن نسبة 89.2% من النساء والفتيات في السودان قد تعرضن لعملية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. ويستمر التمييز الممنهج ضد النساء والفتيات، ليس فقط في المجتمعات الإسلامية، بل في جميع أنحاء الكرة الأرضية. وبوجه عام، تعاني الفتيات من سوء التغذية بشكل أكبر مقارنة بالذكور وذلك لأن الأسر تحرص على إطعام الفتيات آخر المطاف . ويتم استغلال الملايين من الفتيات وإيذائهن أو الاتجار فيهن أو بيعهن في تجارة الجنس، كما أن ثلثي الشباب المصابين حديثاً بفيروس نقص المناعة المكتسبة هم من الإناث . ويعد غياب الرعاية الصحية المناسبة للنساء مشكلة أخرى ذات أهمية بالغة إذ يمكن أن تتفاقم بسببها الأوضاع على نحو خطير في بعض المناطق. وإذا أخذنا أفغانستان على سبيل المثال - نجد أنه في عام 1997 كان معدل وفيات الأمهات هو أحد أسوأ المعدلات في العالم. وللأسف فإن الصعوبات التي واجهت توفير الخدمات الصحية المناسبة وفقاً لما يراه ترنر (Turner) تركزت حول أفكار تتعلق بالأصولية الإسلامية والعنف المستمر في أفغانستان . وتُظهر مؤشرات الصحة العامة ارتباط هذا الأمر بمستوى العدالة الاجتماعية بين الجنسين. ووفقاً لما ورد في تقرير مؤشر النوع الاجتماعي لعام 2012، فإن البلدان التي بها مستويات مرتفعة من التمييز ضد المرأة هي الأكثر عرضة لارتفاع معدل وفيات الأمهات. قوانين الأسرة ترى ليزا هاجر أن الساحة التي تشهد الظلم وغياب المساواة بين الجنسين بشكل متجذر، في سياق العلاقات الأسرية، تكون أكثر تقبلاً لتلك الممارسات الظالمة ويكون من الصعب بل من المستحيل تغييرها. وهناك العديد من القضايا الشائعة في هذا النطاق، منها على سبيل المثال قضية القوامة، والموافقة قبل الزواج، والحقوق الزوجية، وحق الطلاق، والعنف الأسري، والميراث، وحضانة الأطفال، وغيرها من القضايا الشائكة. وترى هاجر أنه بالرغم من أن استخدام الشريعة لإدارة العلاقات الأسرية يسهم في وجود بعض الخصائص العامة للعلاقة بين الجنسين في المجتمعات المسلمة وخاصة تمييز وتمكين الرجال على النساء في نطاق الأسرة، إلا أنه من الضروري أن نتنبه إلى الاختلافات الأساسية. وترى أيضاً أن الدولة هي أهم متغير في فهم تلك الاختلافات والتنوعات عبر المجتمعات نظراً لأن الدولة في العصر الحديث هي الحَكَم الأساسي والسلطة القانونية الرئيسية". ولقد كانت هناك محاولات عدة لمعالجة تلك القضايا عبر إصلاحات قانونية إلا أن العديد من دراسات الحالة لمجموعة متنوعة من المجتمعات أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإصلاح القانوني ليس كافياً إذا ظلت منظومة القيم الدينية والثقافية كما هي دون تغيير . الخاتمة لقد استعرضنا العديد من الموضوعات الرئيسية المتعلقة بالنوع الاجتماعي حيث يكون للقضايا الأخلاقية حضور ملحوظ. لكن هذه القائمة ليست شاملة، فهذا مجال رحب، إذ إن معظم الأنشطة الإنسانية إن لم يكن كلها يمكن تناولها من منظور النوع الاجتماعي وتنطوي على بعض المشكلات الأ

دور المرأة في المجتمع المعاصر ـ بقلم الدكتور جمال الدين محمد محمود من طرف المدير العام في السبت مارس 13, 2010 8:58 pm لا شك أن العالم المعاصر تسوده الحضارة الغربية ويشمل هذا التعبير فى جملته- معظم الأمم والشعوب فى المعمورة كما يتضمن أيضا معظم القيم والمنجزات التى أفرزتها الحضارة الأوروبية منذ القرن السادس عشر الميلادى وإلى اليوم، فقد استقر مصطلح العالم المعاصر على الأمم والشعوب والدول التى تشكل النظام الدولى المعاصر كما هى صورته فى المنظمات الدولية والإقليمية، واستقر مصطلح الحضارة الغربية على أنها الحضارة التى نشأت منذ نحو أربعة قرون فى أوروبا وكان لها منذ بدايتها مبادئها وقيمها فى مجالات السياسة والاجتماع والاقتصاد، كما كان لها إنجازاتها فى ميادين العلوم والفنون المختلفة، وتمثل الدول الأوروبية الجانب الأعظم من صورة هذه الحضارة والتى انتقلت- لأسباب عديدة لا داعى للخوض فيها إلى بقية أنحاء العالم- لا سيما فى شيوع استخدام منجزاتها الحضارية فى العلوم والفنون إلى جانب انتشار قيمها السلوكية فى المجتمعات. وإذا أردنا أن نتحدث بإيجاز عن دور المرأة فى المجتمع الذى تسوده الحضارة الغربية المعاصرة وهو ما يرد مباشرة حين تطلب المقارنة أو يطلب المثال حين يكون هذا الدور محلاً للمناقشة أو البحث، ونستطيع أن نشير إلى أن المرأة فى العصر الحديث بدأ دورها يظهر فى المجتمعات الأوروبية منذ عشرات السنين فحسب فهو دور حديث نسبياً، وقبل عصر النهضة الأوروبية (الذى يمكن اعتبار بدايته فى القرن السادس عشر الميلادى) لم يكن للمرأة دور إجتماعى بل كان يسيطر على المجتمع الفكر التوراتى والذى تحمل نصوصه قدراً كبيراً من الامتهان والتقليل من المرأة ذاتها وليس من دورها فحسب. ثم جاء بعد ذلك عصر النهضة الصناعية وقد كان لهذا العصر تأثير بالغ على المرأة فى أوروبا بوجه خاص، إذ دخلت المرأة سوق لعمل بجانب الرجل لتساعده ولكى تضمن لنفسها مورداً للرزق أيضاً، واضطرت لترك بيتها والخضوع لسلطة رجل آخر ليس زوجاً ولا أباً ولا أخاً بل صاحب عمل ولا حاجة بنا للتفصيل فى شأن ما أصاب المرأة من تعاسة وشقاء وتعرض للقهر إلى جانب تدنى الأجر وسوء المعاملة، والذى كان فى جملته جانباً مما يعانيه الرجال أيضاً فى بداية عصر الإنقلاب الصناعى فى أوروبا، كما أننا لسنا فى حاجة إلى بيان ما أدى إليه ذلك من أضرار لحقت الأسرة كلها الرجال والنساء والأطفال أيضاً، فى هذه المرحلة لا يمكن الحديث عن دور المرأة فى المجتمع الأوروبى فقد كانت مجرد أداة فى مجتمع الإنقلاب الصناعى. يزيد على ذلك أن عمل المرأة استمر فى فرض لون من ألوان الرق والسيطرة عليها فى غياب رعاية اجتماعية وإنسانية. حرية بدون ضوابط: ولقد ترتب على تعدد الآراء التى ظهرت للاعتراض على ما تقاسيه المرأة من عناء وشقاء أن بدأ الاهتمام بقضية المرأة، وبدأ التشريع الغربى يأخذ طريقه إلى محاولة إنصافها وإزالة العقبات والقيود التى عانت منها، لقد نالت المرأة الأوروبية كثيراً من الحقوق التى تحميها من سلطان الرجل داخل الأسرة وفى المجتمع، ولكن هذا الاتجاه الذى ساد منذ بداية القرن العشرين اتخذ طريقاً خاطئاً، لقد كان أعظم الاهتمام موجها إلى منح حريتها تجاه الرجل- الزوج والأب وليس تجاه المجتمع فى علاقاته المعقدة- مع المرأة بالذات- وسارع الجميع إلى الاعتراف للمرأة- بما عدوه من حقوقها الأساسية- حرية الاختلاط مع الرجال وحرية الانتقال والاتصال بلا ضوابط وحرية الرأى والسلوك واحتراف أى مهنة مهما كانت شاقة أو مهينة، هذا هو الخطأ المنهجى الذى وقع فيه التيار الداعى إلى إنصاف المرأة فى عالمنا المعاصر والذى ترتب عليه فى نظرنا كل ما كشفت عنه المؤتمرات الدولية والإحصاءات التى عرضت عليها من معاناة المرأة فى أداء دورها الاجتماعى. لقد عقدت مؤتمرات دولية عديدة فى العقدين الأخيرين من هذا القرن تستهدف مساعدة المرأة بإقرار حقوقها واكتشاف السبل لرفع معاناتها وفتح الطريق أمامها لتؤدى دورها الاجتماعى الذى تستحقه والذى يعود بالتقدم والازدهار على المجتمع كله، وقد تولت منظمة الأمم المتحدة عقد هذه المؤتمرات إدراكا من المجتمع الدولى لأهمية القضية وتقديراً لدور المرأة فى المجتمع المعاصر، وقد اعتمدنا فيما أوردناه فى البحث على تقرير هذا المؤتمر (المؤتمر العالمى الرابع المعنى بالمرأة). مغالطات ينبغى كشفها : إن المرأة فى عالمنا المعاصر يحوط دورها فى المجتمع كثيرمن اللبس والغموض مع العديد من المغالطات التى ينبغى كشفها، فالمرأة فى المجتمع الغربى ما زالت تشقى وتعيش وتعانى بما ترتبه معاناتها من آثار سلبية جسيمة على الأسرة، الخلية الأولى التى يصلح المجتمع كله بصلاحها ويفسد بفسادها، المرأة فى المجتمع الغربى تظهر لنا وكأنها تملك حريتها وحقوقها كاملة، وهى على رأس العمل فى كثير من المواقع الهامة والمؤثرة- وزيرة وسفيرة وأستاذة فى الجامعة ورئيسة وزراء أيضاً وذلك فى المجتمعات التى تأثرت إلى حد كبير بوضع المرأة فى المجتمعات الغربية بالذات- ومن ذلك مجتمعات إسلامية عديدة، ومع أن ذلك حقيقة واقعة وتصب فى صالح المرأة إلا أننا يجب أن نبحث دور المرأة فى المجتمع من خلال عشرات ومئات الملايين من النساء، كما تظهر لنا المرأة فى المجتمعات الغربية وهى تملك حريتها فى علاقتها الأسرية وعلاقتها الاجتماعية، حرية الانتقال والاتصال والزى والعمل والتعليم، ولكن وضع ودور المرأة الحقيقى يظهر لنا من خلال ما تكشف عنه وثائق وأوراق وإحصاءات المؤتمرات الدولية، وهو يبدو فى كثير من الأحوال على خلاف الصورة التى أشرنا إليها من قبل والتى يشوبها الغموض والزيف فى أحيان كثيرة. وثيقة مؤتمر بكين: تقول وثيقة التطبيق فى مؤتمر بكين إنه ورد فى الوثيقة التى قدمها الكرسى الرسولى " Holy see” "إنه لا يزال محتارا وقلقا فى تطبيق الافكار الحديثة وبالتالى الضغط والإصرار على تطبيق الأفكار الغربية فيما يتعلق بحماية المرأة فى المجتمعات المختلفة من العالم "وتقول نفس الوثيقة" يجب علينا ألا ننسى أن على المرأة أيضاً بجانب الانخراط فى ميادين العمل المختلفة واجبات أساسية وعائلية نحو زوجها وأطفالها، ولكن إذا استطاعت التوفيق بين عملها وبين العائلة فهذا يعد شيئـاً مقبـولا وهـذه الـواجبـات الـعائلـية لا تـمنعهـا مـن الـمسـاهـمة ولـو بـعض الشـئ فـى الـحيـاة الاجتمـاعـية ". وفى الدورة التاسعة والثلاثين للمجلس الاقتصادى والاجتماعى التابع لمنظمة الأمم المتحدة خلال شهر إبريل سنة 1995 م فى مدينة نيويورك برزت قضايا العنف ضد المرأة واحترام كرامتها الأصلية، وظهرت قضية فقر المرأة والأسرة التى تعولها وهى نسبة كبيرة من مجموع الأسر فى المجتمع، كما ظهرت الحالة المزرية لوضع المرأة فى بعض المجتمعات- جرائم التعدى على المرأة واغتصابها- وتدنى أجرها- وعدم الحصول على حقوقها فى مجالات العمل وإجبارها على التنكر لأمومتها وحقها فى رعاية أطفالها، وزيادة الأمراض السرية التى تتعرض لها المرأة وارتفاع نسبة الطلاق إلى 40% من عدد الزيجات فى بعض الولايات الأمريكية وزيادة حالات الإجهاض والمواليد غير الشرعيين (نحو مليون طفل سنة 1979 م فى الولايات المتحدة) وإلى جانب ذلك لم تتأكد حقوق المرأة فى الأجر المساوى لأجر الرجل عن العمل الواحد ولا فرص العمل المساوية فى مجالات العمل المختلفة. إقصاء الدين عن قضايا المرأة: لقد لاحظ الكثيرون من اتباع الديانات الكتابية (المسيحية بالذات) أن إبعاد الدين عن النظر فى قضية المرأة واكتشاف حلولها على هديه قد أثر تأثيراً بالغاً فى مقررات المؤتمرات الدولية التى بحثت أوضاع المرأة فى العقدين الأخيرين من القرن الميلادى العشرين؛ فقد كانت الرغبة مبيتة لإبعاد هدى الدين، وجرت محاولات عديدة لتغيير مفاهيم دينية أصيلة كمفهوم الأسرة ومفهوم الجنس ومفهوم الارتباط بين الرجل والمرأة، ومن خلال إبعاد الدين ظهرت قضايا عديدة مثل الحق فى تغيير الجنس واعتبار الأسرة مجرد ارتباط مادى بين شخصين (قد يكونا رجلين أو امرأتين) ومثل قضية تعليم الجنس وغير ذلك من القضايا التى تصب كلها فى جانب الإضرار بالمرأة وبالأسرة وبالمجتمع، وإلى جانب هذه القضايا ظهر فقر الأسر التى تعولها النساء وضعف تغذية الفتيات الصغيرات وعدم حماية المرأة العاملة من التحرش الجنسى بها وعدم فتح طرق التقدم أمامها فى عملها وإهدار حقها أحياناً فى الأمومة، كما ظهرت قضايا ذات أهمية كبيرة- وهى حماية المرأة من العدوان عليها داخل الأسرة عن طريق جمعيات أو حتى إدارات حكومية، كما ظهر من أوراق تلك المؤتمرات ووثائقها أن جهود الدول والمجتمعات التى تسير على النهج الغربى فى النظر إلى قضايا المرأة ليست كافية أو مناسبة لتطوير دورها الأسرى والاجتماعى. ثانياً: الإسلام والحقوق الإجتماعية للمرأة: يرتبط دور المرأة المسلمة فى المجتمع بدورها داخل الأسرة أشد الارتباط بل إن الأمرين معا تشملهما منظومة تشريعية واحدة ترسم صورة واضحة لرسالة المرأة ودورها فى الأسرة وواجبها نحو المجتمع الذى تعيش فيه، ولسنا فى حاجة إلى بيان ما تكفله المنظومة التشريعية الإسلامية للمرأة من حقوق داخل أسرتها وما تمليه عليها من واجبات نحوها، إن المرأة فى الإسلام قرينة الرجل وشريكته الكاملة فى الكرامة الإنسانية (ولقد كرمنا بنى آدم) وهى تحمل معه أمانة الخلافة الإنسانية: ( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة ) ، كما أن بين النساء والرجال ولاية متبادلة فى المجتمع المسلم (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) والجزاء على العمل واحد (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) والنساء " شقائق الرجال " كما ورد فى الحديث الشريف. وفى نطاق هذه النصوص القرآنية وما يبينها من أحاديث الرسول أوضحت الشريعة رسالة المرأة فى الحياة ورسمت دورها داخل الأسرة وفى المجتمع بما يكفل لها كرامتها الإنسانية ويحفظ لها حقوقها ويعود بالنفع عليها وعلى الأسرة والمجتمع الذى تعيش فيه. 1- حق التعليم واكتساب المعرفة لا شك أننا نجد فى تعاليم الإسلام التى وردت فى القرآن الكريم أو السنة النبوية دعوة للتعلم واكتساب المعرفة إذ هو الوسيلة الأولى لمعرفة الدين والاستدلال على أصوله وأركانه الأساسية... ومنذ نزول القرآن الكريم كان التعلم والمعرفة هدفاً للمسلمين عامة- لا بطريقة معينة أو لطائفة خاصة فلم يكن للرجال دون النساء أو لرجال الدين وحدهم كما هو الشأن فى كل الحضارات القديمة- كانت الدعوة إلى الإسلام فى جوهرها تعتمد على التعليم وزيادة المعرفة الإنسانية لدى الناس... ومن الأدلة القاطعة على صدق ذلك أن أول آية من القرآن الكريم وحملها الوحى إلى النبى )صلى اله عليه و آله و سلم) هى (اقرأ باسم ربك الذى خلق) والسورة التى بها هذه الآية هى سورة العلق، وقد دعا القرآن الكريم فى عشرات الآيات وفى سور عديدة إلى العلم والتفكير فى الكون بما يحتويه من عجائب المادة والخلق الإلهى، ونجد القرآن الكريم- وهو يحرص على التسوية بين الناس جميعاً ويؤكد هذه القاعدة الأصيلة- نجده مع ذلك يفرق فى وضوح بين قيمة الإنسان الذى يعلم وبين الذى لا يعلم- فيقول تعالى: ( قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون) فالعلم وطلبه والحق فيه وتفضيل العلماء على غيرهم أمر مؤكد فى القرآن. ولن تجد صعوبة بعد ذلك التوجيه الدينى- فى طلب العلم والاهتمام به كواجب دينى- فى القول بأن المرأة المسلمة مطالبة بالعمل بمقتضاه-وفى حديث الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم): ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) وبعض الروايات فيها زيادة " ومسلمة " ولم يكن هناك مطلقاً خطاب بطلب قاصراً على الرجل وحده سواء فى آيات القرآن الكريم أو فى السنة النبوية، فكانت الآيات والأحاديث عامة وتتوجه إلى الرجل والمرأة على السواء.. لأن حق التعليم واكتساب المعرفة يعده الإسلام من الحقوق المتعلقة بكيان الإنسان ذاته، والتى لا يتصور أن يكون فيها تفرقة كما قدمنا.. فهذا الحق مرتبط بالتسوية الأساسية فى التكليف والجزاء للرجال والنساء ويستوى فى ذلك طلب العلوم والمعارف الدينية وغير الدينية مما ينفع الإنسان. فلم تكن ثمة معرفة قاصرة على الرجال كعلم الدين فى الدين فى الحضارات السابقة وبلغ من حرص النساء على طلب العلم أن طلبن من الرسول )صلى اله عليه و آله و سلم) مساواتهن الكاملة فى التعلم منه مباشرة- ولم تتردد المسلمات الأوليات فى السؤال عما يعنيهن عن أمر الدين والدنيا والتوجه إلى الرسول )صلى اله عليه و آله و سلم) بالسؤال- هذه نقله حضارية لم تكن قائمة من قبل وكانت بعض النساء لايترددن فى سؤال الرسول واستيضاحه ما يقول أو حتى الجدال فيه وقد أورد القرآن: (قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير). ولا شك أننا لا نستطيع أن نحصر الشهيرات من النساء اللاتى كن على قدر كبير من العلم فى المجتمع، وتبوأت أمهات المؤمنين كأم سلمة رضى الله عنها و غيرها مكانة علمية رفيعة فى نظر المسلمين والمسلمات، إذ كان يؤخذ عنهن حديث الرسول، وخلال عشرات قليلة من السنين ظهرت المرأة المسلمة راوية الحديث الشريف والداعية إلى الله على بصيرة.. والأديبة والشاعرة والفقيهة وكان ذلك فى بداية القرن السابع الميلادى.. ويقول الأستاذ الشيخ/ محمد عبده- إنه إذا كان ما يجب على المرأة أن تتعلمه من أحكام العقيدة والدين محدداً.. فإن ما يطلب منها أن تتعلمه لنظام بيتها وتربية أولادها ونحو ذلك من أمور الدنيا يختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال، كما يختلف ذلك بالنسبة إلى الرجال.. ونلحظ أن هذا الرأى يستند فى جوهره إلى عدم التفرقة بين الرجل والمرأة فى شأن الأهلية للتعليم وهو مبدأ إسلامى أصيل. . وهذه القاعدة وهى خضوع ما يطلب من العلم والمعرفة لظروف المكان والزمان والمصالح المتغيرة هو مبدأ سليم إذ لا يصح فى العقل أن ندفع المرأة إلى طلب العلم فى مجالات تشق عليها ولا تفيدها فى حياتها.. وإذا دخلت فيها تخلفت عن الرجال بسبب فطرى.. فالمرأة لها حق فى اكتساب المعارف كلها وليس عليها قيد فى ذلك ولكن مصلحتها كالمرأة لها رسالتها فى الحياة أن تطلب المفيد والنافع من العلوم والملائم لفطرتها ورسالتها وما تقوم به من أعباء الأسرة وفى المجتمع. 1- حق العمل: يعتبر حق العمل من الحقوق الاجتماعية للمرأة فى الإسلام.. وليس هناك فى الشرع الإسلامى ما يمنع المرأة من العمل فى أى مجال يباح للرجل أن يعمل فيه، والعبرة فيما يرد من أحكام شرعية تخص المرأة فى عملها ليست بالعمل ذاته ما دام مشروعاً ومباحاً للرجل.. ولكن العبرة بما يحيط العمل، فإذا كانت ظروف العمل أو مشقته لا تقوى عليها المرأة كالقتال فى الحرب أو العمل فى إقامة الطرق والسدود وأعمال التعدين والمناجم فإن المرأة كقاعدة عامة لا تكلف بهذه الأعمال مع أنه لا مانع من الشرع إذا أدتها- فالعمل فى ذاته غير محرم عليها ولكن ينظر إلى قدرتها البدنية والنفسية عليه وإلى ما يعرضها للمشقة الزائدة أو الضرر فى بدنها أو نفسها أو عرضها- وهذا أمر يرتبط ولا شك فى كل زمان ومكان بصالح المرأة ومصالح المجتمع كله. لقد مارست المرأة كل الأعمال تقريباً فى عصر النبوة- أعمال البيت والرعى ومارست زراعة الأرض وجذاذ النخل وهى أعمال شاقة وعملت المرأة جارية للخدمة فى أعمال المنزل كما أن بعض النساء كن يدرن أعمالاً حرفية مثل النسيج وبيع العطور وشاركت المرأة المسلمة حتى فى الجهاد بما يتفق مع قدراتها وأهليتها للعمل، فقد صاحبت النساء الجيش الإسلامى فى أول عهده وكان النبى )صلى اله عليه و آله و سلم) على رأس هذا الجيش وعرف من النساء المسلمات من كن يتصدرن هذا النشاط مثل أم عطية الأنصارية والربيع بنت معوذ- وكان عمل المرأة فى المجهود الحربى يماثل ما يحدث الآن فى الغالب من مداواة الجرحى (كما كانت تفعل رفيدة الأسلمية) وصنع الطعام للجيش ورد الجرحى إلى المدينة والمشاركة فى نقل الموتى، ولكن مسئولية المرأة عن العمل لا يدخل فيها العمل الخطر أو الشاق أو الذى يعرضها لضرر بدنى أو نفسى فالشرع يعفيها من الالتزام بالقتال فهو واجب شرعاً عند تحقق الضرورة الداعية إليه على الرجال فقط دون النساء، وإن لم يكن هناك ما يمنع المرأة من ممارسة القتال.. فقد قاتلت النساء فى عهد الرسول e فى معارك المسلمين مع الكفار مثل (نسيبة بنت كعب) وهى أم عمارة التى قاتلت بجوار النبى )صلى اله عليه و آله و سلم) فى غزوة أحد. وكذلك الأمر إذا كان العمل الذى تقوم به المرأة بعرضها للتبذل أو الانحراف، فإن الشرع ينهى عنه صيانة للمرأة، ومن ناحية أخرى فقد سبق أن ذكرنا أن حقوق المرأة- وحتى حقوق الرجل لا ينظر إليها مستقلة وفى مواجهة بعضها بعضاً، وإنما يكون النظر إلى الأسرة فى المجموع الزوج والزوجة والأبناء، ولذلك فإن عمل المرأة مقيد بألا يكون فيه ضياع لصالح الأبناء يتركهم دون رعاية مع حاجتهم إليها. التأصيل الإسلامى للقواعد المتقدمة: جرت آيات القرآن الكريم على التسوية بين الرجل والمرأة فى خصوص العمل، والجزاء المترتب عليه بقوله تعالى للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) وهو شامل لعمل الدنيا والعمل للآخرة. ويقول تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ). وكذلك الآية الكريمة التى تدل على التسوية فى ثواب العمل وأجره فى الدنيا والآخرة: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).. فالأجر فى الدنيا والآخرة متساو للرجال والنساء على عملهم من أجل الدين أو الدنيا. من الأحاديث النبوية التى تدل على أصل المساواة قول الرسول )صلى اله عليه و آله و سلم) (النساء شقائق الرجال ). إن التأصيل الإسلامى لعمل المرأة وما ورد فيه من آيات فى القرآن الكريم أو السنة النبوية يظهر لنا حقيقتين: الأولى :- أنه ليس هناك عمل يحرم بذاته على النساء لمجرد التفرقة بحسب الجنس أو القدرات الخلقية للمرأة، فالله تعالى خلقها قادرة على العمل كالرجل ولكن ما يحيط بالعمل ذاته من ظروف مثل زيادة المشقة فيه أو التعرض للخطر من ممارسته أو تعريض كرامة المرأة وحقها فى الصيانة والعفة إلى الانتقاص يجعل الأصلح للمرأة وللأسرة وللمجتمع أن تعرض المرأة عن هذا العمل.. وقد كانت صورة ذلك فى عدم فرض الجهاد على النساء لما فيه من الخطر والمشقة وعدم تحقيق المصلحة العامة من وراء إلزامهن به- ومع ذلك فإن المرأة المسلمة فى عهد الرسول e جاهدت وقاتلت. الثانية: إن عمل المرأة الأساسى والذى يستجيب للفطرة الإنسانية وللمؤهلات والقدرات والخصائص المميزة للمرأة هو رعاية البيت وتربية الأبناء- وهو نوع من التقسيم الصالح والمحقق لمصالح المرأة والأسرة والمجتمع- وليس مبنياً على مجرد التفرقة بحسب الجنس وحده إذ الرجل يستطيع أن يشارك فى رعاية البيت والمرأة تستطيع المشاركة خارج البيت ولكن العبرة فى الحياة الاجتماعية وأصولها بما يحقق مصلحة الفرد والأسرة والمجتمع. ثالثاً: المشاركة الإجتماعية وضوابها: يميز حقوق المرأة المسلمة- بعد أن تميزت كرامتها وقيمتها الإنسانية فى القرآن والسنة- أنها حقوق تعود عليها وعلى الأسرة وعلى المجتمع كله بالنفع والخير.. وأنها حقوق تنهض بالمرأة لتحقيق ذاتها و آمالها ورسالتها فى الحياة.. وليست حقوقاً يقصد بها أن تنفلت المرأة من متطلبات الحياة الأسرية والاجتماعية.. وأن تصبح مجرد إنسان أنانى تفكر فى نفسها خارج نطاق الأسرة وتطالب بما تعتقد أنه يحقق لها حريتها الكاملة فى نفسها أولاً وأخيراً.. وهو مبدأ مرفوض فى الإسلام لا بالنسبة للمرأة.. ولكن بالنسبة للرجل أيضاً، لقد قيده الإسلام فى نطاق الأسرة حين يريد أن يعدد زوجاته وحين يطلق زوجته بالعدل وإلزامه بما يترتب على مفارقة الزوجة بالطلاق حتى لا تضيع المرأة ويضيع الأبناء.. ألزم الإسلام الرجال والنساء معاً بالعيش داخل الأسرة فى نظام تشريعى يكفل لكل منهما حقوقاً تعود على الأسرة جميعا بالخير.. وألزم الرجال والنساء بالعيش فى مجتمع الطهر والعفة يقول تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها). الهدف الذى ينبغى تحقيقه أن يتسلح المجتمع بالخلق القويم والقيم السليمة ويتميز بالعفة وأن يقطع أسباب الانحراف.. وهذا ما أوجبه الإسلام على الرجال والنساء معاً.. والقرآن الكريم يذكر المؤمنين بقواعد عديدة تحفظ للمجتمع عفته وطهره فى علاقة الرجل بالمرأة فى المجتمع.. فالمرأة ليست معزولة عن الرجل عزلاً كاملاً لأن لها حق التعليم ولها حق العمل مما يفرض عليها أحياناً أن يكون لها اتصال بالرجل، وقد بدأ هذا الاتصال واضحاً وظاهراً فى عصر النبى )صلى اله عليه و آله و سلم) فلم يكن مجتمع المسلمين منقسماً إلى مجتمع للرجال وآخر للنساء، ولا كان هناك عزل بينهما فى شئون الحياة وأمور المجتمع، وكان لقاء الرجال والنساء يتم بحسب ما تفرضه المشاركة فى الحياة وبحسب المصالح الدينية والدنيوية لها، وفى بداية الإسلام بل فى الفترة التى عانت فيها الدعوة إلى الله هاجرت النساء إلى بلد بعيد- عبر البحر- إلى الحبشة مع الرجال فراراً بدين الله وبايعت النساء النبى )صلى اله عليه و آله و سلم) على الإيمان والسمع والطاعة ومكارم الأخلاق وأورد القرآن الكريم: (يا أيها النبى إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك فى معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم) فالمجتمع كان واحداً لا عزلة فيه ولا تقسيم فى حياة الناس اليومية سواء فى أمور الدين أو مصالح الدنيا. ولكن الذى يميز هذا الاتصال وهذا التعاون ويزين مشاركة المرأة للرجل فى كافة أمور الحياة- فى الدين والدنيا وداخل البيت وخارجه هو الخلق القويم واحترام كل منهما للآخر وإحسان الظن به. لقد بايعت المرأة الإمام الأعظم للمسلمين وهو عمل يعد من أعمال المشاركة السياسية ولقد التقى الرجال والنساء فى أماكن العلم والعمل ومواطن الجهاد وأسواق التجارة ولم يكن هدف المسلم الحق أن يخلو بامرأة أو يلمسها بشهوة أو يتحرش بها بالقول أو الفعل، وهو للأسف ما يجرى فى كل المجتمعات الآن ويلقى على فكرة مشاركة المرأة ظلالاً كثيفة من الشك والرفض ويفتح الباب للتضييق عليها أشد الضيق سداً لذرائع الفساد ومنعاً للفتنة وكان اللقاء الذى جعله الإسلام محققاً للمصلحة ولمقاصد الشرع هو لقاء الرجال بالنساء جمعاً على أدب الإسلام وليس لقاء الرجل بالمرأة فى خلوة يكون ثالثهما الشيطان.. والحقيقة أنه لو التزم الرجال والنساء أدب الإسلام لما تعقدت أمامهم مشكلات ما يسمونه بالاختلاط الذى يسود الحياة الاجتماعية اليوم. إن اللقاء فى جماعة من الرجال والنساء بأدب الإسلام فى القول والنظر والزى جائز- وهو اللقاء الذى تترتب عليه جميع مصالح الناس فى أى مجتمع بل إن اللقاء بأدب الإسلام الذى ذكرناه أكثر تحقيقاً للمصالح المقصودة دينياً ودنيوياً، وهو أفضل من عزل مجتمع النساء عن مجتمع الرجال عزلاً تاماً كأن الله تعالى فرض علينا ألا تكون هناك معاص وذنوب يتوب الإنسان منها إلى الله فيتوب عليه. إن مشاركة المرأة المسلمة فى المجتمع تتحدد فى الإسلام على أساس ضرورات جنس المرأة واحتراما وتقديراً لفطرتها وملكاتها وقدراتها ودورها وجهدها لبقاء الحياة واستمرارها.. أما محاولة إلغاء الفوارق الفطرية- فى الخلق الإلهى بين الرجل والمرأة- فلن تكون لصالح المرأة أبداً- إن الفطرة والسنة الإجتماعية العامة منذ بداية الخلق ميزت الرجل بقدارت وملكات خاصة .. وميزت المرأة بقدرات وملكات أخرى ، بحيث يتكامل النوع البشرى ويتكافل فى أداء رسالته الكبرى فى الخلافة الإنسانية بعبادات الله وحده وتعمير الأرض بالحق والخير والسلام لكل البشر . وفى المجتمعات الإنسانية كلها قديماً وحديثاً وحتى فى الوقت الحاضر تبدو مشاركة المرأة فى الحياة الإجتماعية خارج بيتها أقل من مشاركة الرجل ، إذ المرأة لها رسالة متميزة هى وحدها التى تملك الطاقات والملكات التى تحقق هذه الرسالة. المدير العام Admin